Search This Blog

Monday, July 30, 2012

الباحثة عن الحب


الباحثة عن الحب


ربما ظن الكثيرون أن "هالة" فتاة عادية فى الرابعة عشرة من عمرها...لا يشغل تفكيرها شىء إلا المدرسة والمذاكرة واللعب مع صديقتها...لا يخطر ببال أحدهم أن الصغيرة مشتتة وأن عقلها الصغير يكاد يجن من التفكير..وسبب حيرتها هما أخواتها: أروى وسحر

اليوم قررت أروى أن تعزم صديقاتها على الإفطار...جلسن قبل الطعام يتحدثن....يبدن متشابهات...كلهن متفوقات فى عملهن...كلهن محتمشات لدرجة عالية فى ملابسهن....كلهن تتجاوزن الثلاثين...وكلهن لم تتزوجن

قالت أحدهن أنها تخاف كثيرًا من اليوم الذى يتوفى فيه والداها وتضطر أن تعيش بمفردها...ولكنها فى نفس الوقت لا تتصور نفسها وقد تزوجت أيًا ممن قد تقدموا لها...تتذكر هذا الصيدلى مندوب المبيعات الذى ضغط أهلها كثيرًا عليها لتتزوجه...رفضت بشدة..كيف لها أن تقبل أن تتزوج بمن يتفاخر أنه يضرب فواتير ويزور فى الأوراق ليزداد دخله...نعم كان يتفاخر...يريد أن يبرهن لها أنه يستطيع الحصول على دخل ضعف أو ضعفين مرتبه...كيف كان لها أن تقبل أن تأكل أولادها من حرام؟...الأفضل لها ألا تنجب هولاء الأولاد ولا تتزوج اساسًا إذا كان هذا هو الحال 

قالت "هالة" فى سرها طيب ما "عمو طلعت" جوز "سحر" أحيانًا كثيرة لا يصلى ...وسحر مبسوطة وسعيدة وعندها "مهند" و"أحمد" ...ولا تخاف اليوم الذى تعيش فيه وحيدة مثل أروى وصديقاتها

قاطع تفكيرها صوت "أروى" وهى تقول أنا أصلًا حطيت احتمال أنى لا أتزوج ولا أنجب وهيئت نفسى أن أرضى بحياتى هكذا إن كان هذا ما كتبه لى الله ...ذعرت "هالة" من الفكرة...كيف لأروى أن تفكر هكذا وهل يمكن فى يوم أن أصبح مثلها؟ انخرطت البنات فى حديث السياسة الذى تمله "هالة" بشدة...لا تعلم لماذا لا تتكلمن فى أمور لذيذة مثل صديقات "سحر"...المرة الماضية كانت أحداهن تحكى لآخرى الحلقة الأخيرة من مسلسل "العشق الممنوع" وكن يتحدثن عن وصفات الطبيخ وكيفية لف الطرحة كما تفعل "دعاء فاروق" المذيعة..."هالة تحب هذه الأحاديث وتشارك معهم بقوة....مالها هى وحمدين صباحى وما يفعله...بس هو بصراحة شكله أمور قوى زى ما سحر بتقول

تنبهت وأروى تفتح اللاب توب وتقرا لصديقاتها مناقشة بينها وبين زميل لها فى العمل على الفيس بوك عن مقارنة مشروع النهضة بمصر القوية....ابتسمت "هالة" وهى تتذكر أحدى صديقات "سحر" وهى تحكى أن زوجها قال لها بالأمس أنهم يجب عليهم انتخاب "أبو الفتوح" وأنه قعد يشرح لها مميزات الرجل ويشتم فى باقى الششرحين...الطريف كما تقول الصديقة أنها كانت تعلم كل ما يقوله زوجها بل وأكثر ولكنها اصتنعت الغباء وعدم المعرفة وكلما قال لها زوجها معلومة تقوله "لا بجد أنت بتعرف الحاجات دى منين" وبعدها طبعًا زوجها كان "يشعر أنه "عنتر زمانه"...تذكرت هالة الصديقة وهى تنصح "سحر" أن تقول لأروى أن تكف عن كتابة آرائها السياسة والفكرية على الفيس بوك والمدونة..."مفيش  رجل يرضى يتجوز واحدة حاسس أنها أذكى منه ...ده ضد رجولته...خليها تلم نفسها شوية" ....تذكرت "هالة" تنهيدة "سحر" وهى تقول 
"والله قولتها كتير وماما كمان قالت لها لكنها بتقول أنها متعرفش تكون ألا نفسها ..خلاص بأه خليها عايشة مع نفسها"

تنبهت "هالة" لفريدة صديقة أروى وهى تحكى عن منصبها الجديد وعن ارتياحها الشديد فيها رغم كثرة المسئوليات..."هالة" تحب "فريدة" بشدة فهى طيبة وحنينة ولكنها زعلت منها لدرجة الخصام عندما تركت خطبيها "محمد" لم تستوعب "هالة" ما قالته "فريدة" لأروى وهى تبكى..."مش قادرة استحمل أكتر من كده..حاسة أنى ماشية على قشر بيض طول الوقت وخايفة ليتكسر...عارفة مسرحية كارمن لما كانت سيمون أنا كنت طول عمرى حرة وكنت طول عمرى باختار صح..دلوقتى خايفة أمشى يمين يقول ممشتش شمال ليه...أمشى شمال يقول ممشتش يمين ليه...ولو مشيت فى النص يقول ممشتش يمين ولا شمال ليه"...كل تصرفاتى ..كلامى..حركاتى لازم تكون زى ما هو عاوز ولو غلطة بسيطة ينفجر فيا....مش قادرة..كان لازم اختار حريتى...أروى كانت تشجعها على الانفصال...كانت تقول أن زوج خالتها شخصيته مثل "محمد" ولكن خالتها تتحايل عليه بالكذب ومكر النساء...قاطعتها "فريدة" والله قلت له هو أنت عاوزنى أكذب عليك وأغشك زى ما الستات بيعملوا؟ قالى يا ريتك كنتى تقدرى....ولكنى لا أقدر..أنا معرفش أقول حاجة مش حاسها ولا أوافق على حاجة مش مقتنعة بيها...أنا معرفش أكون ألا نفسى

ما زلت "هالة" تتذكر عندما قرأت أروى رواية "أحببتك أكثر مما ينبغى" ...أعجبت "أروى" بمقولة فى الرواية وكتبتها على الفيس بوك فعجبت كل صديقاتها وشيروها ...تقول المقولة

"
“قلت لي: أتعرفين جمانة.. لن تسعد امرأة في حياتها العاطفية إلا إن كانت غبية،أو أن تستغبي على أقل تقدير لذا لن تسعدي أبدا جمان! 

أتظن بأنني لا أجيد الاستغباء؟!

أنت لا تقدرين عليه لا قدرة لك على الادعاء بأنك غبية لذا لن تسعدي مع رجل مهما أحبك 

تظن أنت بأنني أذكى من أن يسعدني رجل و أظن أنا بأنني أغبى من أدعي الغباء فأسعد معه!” "

كانت "أروى" تحاول ألا تجعل "هالة" تتعقد...كانت تقول هناك صديقتهم "رشا" التى تفكيرها مقارب لتفكيرهن ورزقها الله بزوج رائع ...أتهزأ بها "أروى"؟ ..هذا استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها...كم نسبة من تزوجن من صديقات "أروى" مقارنة بصديقات "سحر"؟ الأمر واضح ولكن "أروى" تكابر

لماذا تريدها "أروى" أن تلبس محتشم وتبتاع لها الملابس الواسعة الطويلة وتقول لها أن هكذا يرضى الله..."سحر" لا يعجبها هذا وتقول ﻷمها متخليهش تعقد البت..تشترى لها بناطيل "
skinny
وتقول لها لازم يبقى شكلك حلو دائمًا والرجالة تعاكسك فى الشارع
لو مر يوم ولا يومين من غير ما حد يعاكسك...لازم تعرفى أن فيك حاجة غلط وتصلحيها
لم تفهم قط لماذا تعتبر "أروى" المعاكسة إهانة؟...ولماذا هى دائمًا الشجار مع أى كائن ذكورى يفكر أن يمد يديه عليها؟
لماذا يا أروى تطربين إذا أعجب أى شخص بكتباتك ومقالاتك وتجزعين إذا جاملك أحد على شكلك؟
ما الفارق؟
سحر تقول ﻷروى فوقى محدش هيجوزك عشان عجبه تفكيرك...هو مش هيتجوز واحد صاحبه

سحر كانت تحب زوجها فى الكلية وكانا يخرجان سويًا...سحر كانت تقول لأروى ربنا مش هيدخلنا النار عشان مسكنا أيد بعض ومشينا على الكورنيش
!أروى" كثيرًا ما كانت تتشاجر معها وتقول لها أنتى بترخصي نفسك وربنا مش هيبارك فى حاجة حرام
ولكم شعرت "سحر" بالانتصار عندما جاء "طلعت" ليخطبها
قالت "لأروى" أنتى عاملة زى الحلة المتغطية ..محدش عارف أصلا إذا كانت فاضية ولا ملاينة
لازم ترفعى الغطاء وتخلى الزيون يشوف جمال الطبخة ويشف ريحتها ومفيش مانع يدوق شوية منها...ساعتها هيجى جرى عشان ياكل بقية الحلة

انتبهت "هالة" لأروى وصديقتها وقد هممن بصلاة العصر جماعة...سحر وصديقاتها تصلين أيضًا وتقرأن قرآن
هذه "مروة" صديقة سحر الجديدة تزوجها "عماد" صديق "طلعت" وهى غير محجبة
تقول "سحر" ياما قلت له على "أروى" يسكت وميردش
وأول ما شاف "مروة" فى الشارع ...سأل عليها وتزوجها وبعدين أقنعها بالحجاب والصلاة
كل الحاجات التانية دى ممكن تبجى بعد الزواج ...المهم تعجبى الراجل وساعتها هيلاقى ألف مبرر عشان يجرى وراك

تمتلأ حياة هالة بالخيالات ...تارة تتخيل نفسها مكان "مى عز الدين" فى عمرو وسلمى ومرة مكان "سمر" فى العشق الممنوع...لكم تريد أن تعيش قصة حب
لا داع أن تحبكها كثيرًا مثل "أروى"...لا داع أن تضع كرامتها فى السماء ولا تتقبل الإهانة مثل "فريدة"
لابد أن تتنازل أن تتغابى كما تفعل "سحر" وصديقاته
..لماذا  تقول "أروى" وصديقاتها دائمًا مقدرش أكون ألا نفسى؟ ..لا هى مستعدة تكون زى ما اللى بتحبه عاوزها فيبدو أنه عقاب من تريد أن تكون نفسها أن تعيش مع نفسها

فتحت الجواب الذى أعطاه "محمود" ابن الجيران لها...قرأته للمرة المائة...كم هو رومانسى...راسم قلب وكاتب كلام أغنية "تامر حسنى".."أحلى حاجة بحبها فيكى"....لو كانت أروى مكانها لمزقت الجواب وألقته فى وجه "محمود" وربما شكته ﻷمه
ولكن أبدًا لن تكون معقدة مثل "أروى"...أخرجت ورقة وكتبت الرد بأغنية أليسا
"كل يوم بيعدى وأنت معايا"

دينا سعيد
30 - 7 - 2012

Sunday, July 22, 2012

طاغية الشام


دعا الإمام بالأمس فى الوتر 

"اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تبقى منهم أحدًا...اللهم كن ﻷخواننا ولا تكن عليهم..اللهم أشف صدور قوم مؤمنين"

تخيلت لو أن مسلم من 15 سنة ركب آلة الزمن وحضر صلاة التراويح لاعتقد أن الإمام يدعى على الصهاينة أو يدعى ﻷخواننا فى أفغانستان وربما لو ركب آلة الزمن من 10 سنوات أيام غزو العراق لاعتقد أن الإمام يدعى على الأمريكان ويدعو بنصرة العراق...ولكنه بالتأكيد سيندهش إذا علم أن الإمام كان يدعى على أحد حكام الدول الإسلامية...طاغية الشام كما أسماه الإمام فى دعائه...وصل بشار لدرجة أن تدعى عليه المساجد قاصيها قبل دانيها...هل كان طبيب العيون بشار يتخيل يومًا ما وهو يتسلم السلطة بعد أبيه أن يدعو عليه إمام مسجد فى بلد اسمها (كالجرى) بكندا؟

أرجوكم لا ترددوا كلمات "حسن نصر الله" من أن هولاء رفقاء سلاح وخير عون للمقاومة الفلسطنية...كما قال أحد أصدقائى 
"لابد أن يعلم الحكام العرب والمسلمين أن "فلسطين" ليست ورقة تواليت يمسحون بها قذوارتهم ويبررون بها ما يفعلونه من ظلم  لشعوبهم"...

حقًا لا أبالى إذا كان ما يحدث فى سوريا حرب طائفية ولا أبالى إذا كان هذا مخطط كونى لإحداث حرب فى المنطقة بين السنة والشيعة كما تردد روسيا...لا أبالى بما يردده أصدقائى السوريون عن العلويين وكيفية وصلوهم للحكم وتمركزهم فى قيادات الجيش...لا أبالى بكل هذا
ﻷن بشار وصل للنقطة التى يصدق فيها قول د. معتز عبد الفتاح عن المجلس العسكرى

 "لا أبالى إذا كان يريد الحق فأخطأه أم أراد الباطل فأصابه"

اللهم انتقم من كل طاغية جبار عث فى الأرض فسادًا واستباح أموال ودماء المسلمين...اللهم انتقم منهم وخذهم أخذ عزيز مقتدر..وأرنا فيهم عجائب قدرتك

تحبى تبادلى؟

أنها أحدى اللحظات الشيطانية التى تجعلك تتطلع إلى ما فى يد الأخرين من نعم حتى ولو كانوا أقرب الناس إليك...لا تدعى أنك ملاك...من منا لم يمر بها...مررت بها قريبًا...رأيت صديقتى الجميلة وزوجها واطفالها الرائعين...تطلعت إليها وأنا أتساءل لماذا لا يكون لى عائلة كهذه؟ وكدت أذوب خجلًا عندما تذكرت أن والدة صديقتى توفت وهى صغيرة وأنها عاشت معظم حياتها محرومة من حنان الأم الذى تمتعت أنا به... سألت نفسى "تحبى تبادلى؟

هناك عبارة جاءت فى أحد الأفلام المصرية "جرى الوحوش" وأصبحت بعدها متداولة بين الناس وهى أن كل واحد ربنا أعطاه 24 قيراط رزق ولكنهم مختلفين من إنسان لآخر...فهذا أعطاه الله الأولاد..وهذا أعطاه الله المال ..وهذا أعطاه الله الصحة...وكان الفيلم مباشر جدًا فى عرض القصية فكان "نور الشريف" محروم من الأولاد بينما "محمود عبد العزيز" فقير وكأنه يقول لنا أرأيتم؟ ولكن لا اعتقد أن هذه العبارة صحيحة بهذا الشكل المباشر وذلك لأنك لو عملت مسح  آنى
snapshot
لمجموعة من البشر بكل ما لديهم من رزق لوجدت بعضهم يتمتعون بنعم أكثر من الآخرين ...بل أن هناك من الناس من تشعر أنهم متبهدلين بمعنى الكلمة..فى حين أن البعض يعيشون فى منتهى الرفاهية

 فى حين أننا لو عملنا هذا المسح فى نهاية الرحلة ..ربما لوجدنا معظم الناس متساويين فى الابتلاءات والنعم...فهذا تعرض لحادثة بشعة فى صغره وهذه لم تتزوج وهذا عاش فقيرًا وهذا أصابه السرطان فى أواخر أيامه وهذه كان زوجها مفترى وهذا ابنه أصبح ولد عاق

فهل يتساوى الجميع فى نهاية الرحلة فى حساب ال24 قيراط رزق؟

إن كل نعمة من نعم الدنيا يصاحبها واحد من هذه الابتلاءت

1- ابتلاء الحرمان: أن تُحرم من النعمة نفسها وبالطبع يزداد هذا الابتلاء كلما كنت محبًا لهذه النعمة
فمثلًا ابتلاء الحرمان من الذرية يكون أشد فى المرأة من الرجل بسبب غزيرة الأمومة عندها

2-
ابتلاء الشكر: أعطاك الله النعمة كما تحب وترضى ولكن هل ستشكر أم ستقول إنما أوتيته على علم عندى؟

3- ابتلاء أداء حق النعمة: هل بذلت كل مجهود فى المحافظة على النعمة؟
فمثلًا هل ربيت أولادك وعلمتهم وأعطتهم وقتك وجهدك واهتمامك أم تركتهم لتجلس مع أصحابك وتلعب على النت

4- ابتلاء تحول النعمة إلى نقمة:
.ولد كان قرة عين أبويه انقلب لمدمن...وصارت مصائبه المتكررة وبالًا على الأسرة
منصب وجاه وسلطان..انقلبوا إلى فتنة قد تجعلك لا تنام من مخافة الحساب
فرح وكوشة وزفة ومعازيم ينقلبوا إلى زوج سيىء الطباع وحماة متسلطة وحياة أقرب إلى الجحيم

5- ابتلاء الفقد: تخيل بعد أن تألف النعمة وتتعود عليها أن ينزعها الله منك انتزاعًا
وربما يصل بك التمنى أن تكون قد ابتليت بالحرمان بدلًا من أن تتمتع بها ثم تفقدها ...مثلًا هناك صديقة لى مطلقة تتمنى ألا تكون قد تزوجك وعاشت أى  مشاعر رومانسية مع زوجها وترى أن غير المتزوجة أفضل حالًا منها

فلو نظرنا فى حقيقة الأمر إلى رحلة كل انسان لوجدناه يتقلب مع كل نعمة ما بين ابتلاء الحرمان، وابتلاء الشكر، وابتلاء أداء حق النعمة، وابتلاء تحول النعمة إلى نقمة، وابتلاء الفقد.....فإذا كنت صابرًا فى ابتلاء الحرمان من أحدى النعم فلا يعلم ألا الله هل إذا أعطاك الله إياها  هل هتصمد أمام بقية الابتلاءت أم لا؟

نرجع للسؤال: هل فى نهاية الرحلة يتساوى الجميع فى ال24 قيراط؟

 سأل سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه اللرسول صلى الله عليه وسلم , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ .

فلو نظرنا للإنسان المتدين جدًا على أنه أخذ 18 قيراط من ال24 قيراط تحت بند الدين لذا فابتلاءه يكون أشد
.. ممن حصل على 6 قيراط تدين مثلًا
طيب تحب تبادل؟

هنا قد يفكر المرء وهل هذه مكافأة إيمانى؟ أن يشتد ابتلائى وتتكاثر عليا المحن والشدائد؟

دعنى أشبه لك الأمر بامتحان ال
GRE
الذى لابد أن يؤديه من يريدون تحضير الدراسات العليا فى الولايات المتحدة الأمريكية...الجزء الرياضى من هذا الامتحان عبارة عن 30 مسألة فى 30 دقيقة ...تقوم بحلها على الكمبيوتر ولكن برنامج الامتحان معد بحيث يبدأ بأسئلة سهلة جدًا وكلما جاوبت إجابة صحيحة ياتى السؤال التالى أشد صعوبة أما لو جاوبت إجابة خاطئة فياتى السؤال التالى أسهل....وهكذا تعرف أنك ستحصل على درجة مرتفعة فوق ال700 من 800 إذا كانت الأسئلة الأخيرة شديدة الصعوبة لأنك نجحت فى إجابة معظم الأسئلة السابقة وهذا طبعًا ليتم التمييز بين المتفوقين (غالبًا يكونوا خرجيى هندسة)  فمنهم من سيحصل على 800 ومنهم من سيحصل على 780 وهكذا
وبالمثل لو كانت الأسئلة النهائية سهلة نوعًا ما فسيعنى هذا أنك ستحصل على ما بين 600 و700 وهى درجة جيدة بالنسبة للتخصصات الأدبية

 فإذا كنت مهندسًا على سبيل المثال فلا يوجد معنى أن تتذمر من صعوبة أسئلتك مقارنة بسهولة أسئلة زميلك خريج سياسة  ﻷنك فى النهاية تلعب على فوق ال750 فى حين أنه لو حصل على 600 فسيكون شىء رائع

الفكرة أن الابتلاءت هكذا...ابتلاؤك فى رحلة حياتك قد يكون أشد من غيرك ﻷنك فى مستوى إيمانى مختلف عنه وكما أوضحنا أن الابتلاء نفسه لا يشترط أن يكون بالمصائب بل قد يكون بالسراء أيضًا. قال تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة"..فمثلا أرى أن رئيس الجمهورية أشد ابتلاءًا من رجل فقير مريض من عامة الشعب...فقد ابتلاه الله بابتلاء الشكر وابتلاء أداء حق النعمة وهما فى رأيى فد يكونا أشد ضراوة من ابتلاء الحرمان والفقد

الخلاصة هى أنك لو كنت فى امتحان ال 
GRE
وتركته لتتجول فى المعمل وترى أسئلة كل واحد وتحاول أن تستنج إذا كانت أسهل من أسئلتك أم لا وإذا كان سيحصل على درجة أعلى منك أم لا وهل البرنامج عادل أم ظالم...لو فعلت هذا فبالتأكيد لن تجد وقتًا لحل امتحانك أنت شخصيًا
لذا ركز فى شاشتك وأسئلتك


دينا سعيد
21-07-2012

----------------------
ملحوظة:
شكرًا حمزة نمرة على الإلهام بأغنيته الجديدة "بتحب حاجة"
http://www.youtube.com/watch?v=uAi7nJ9Z9mU&feature=share

Friday, July 20, 2012

عمر سليمان...لمن الملك اليوم؟




أتذكر يوم قرر اللواء عمر سليمان نزول الانتخابات الرئاسية وكيف امتلأ الفيس بوك بالنكت والألش على ما سيحدث للثوار وكل من عارض مبارك إذا وصل للحكم...وبعيدًا عن النكت، هناك ناس كانت بالفعل ترتجف خوفًا وهناك من بدأ فى إعداد نفسه للهجرة وهناك 
من قال "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا"

لسبب ما لا استوعبه إلى الآن تم استبعاد عمر سليمان من سباق الرئاسة...نظريات مؤامرة كثيرة ظهرت وقتها ..ولكن تنفس الكثير من الناس الصعداء وعندما قال أحمد شفيق أنه قد يستعين بعمر سليمان إذا وصل للحكم، دب الخوف مرة آخرى  ثم خسر شفيق الانتخابات وتنفس الناس الصعداء مرة آخرى

من أسبوع ظهر خبر على أحد الجرائد أن المشير طنطاوى استدعى عمر سليمان من دبى بصفة عاجلة، شعر الكثيرون أن الخبر نوعًا من التهديد ...قالت أحدى النكت أن المشير يريد أن يستغل فترة وجود مرسى فى السعودية ليجعل عمر سليمان يغير مفاتيح القصر 
الجمهورى...

لسبب ما كان يشعر الكثيرون أنه هو من يحرك خطوط اللعبة بدهائه ومكره المشهورين ...لسبب ما اسمه كان مجرد ذكر اسمه كفيلًا بأن يدب الفزع فى قلوب الكثيرين......قالوا أن أمريكا كانت ترسل بالمعتقلين لمصر ليقوم عمر سليمان باستجوابهم على طريقته الخاصة..و قالوا  أنه كان يتفنن فى تعذيب المعتقلين بنفسه...وقالوا أنه عندما أرادت أمريكا ال"دى إن إيه" من شقيق أيمن الظواهرى، عرض عليهم عمر سليمان أن يرسل لهم ذراعه كاملة ...قالوا أن الاتفاق بتحرير الأسرى الفلسطنين لم يتم ألا عندما ترك المفاوضات...بل أنهم قالوا أن موته مصادفة فى نفس يوم موت مدير العمليات الخارجية بالموساد يرجح أنهم كانا سويًا فى تفجير دمشق من أجل ردع المقاومة السورية....هى أقوال الله أعلم بصحتها
هو الآن فى ذمة الله كما يقولون

ولكن تبقى حقيقة واحدة وهى موت أكثر  الأشخاص فى نظام مبارك  سطوةً ونفوذًا....شخص ظل مدير مخابرته لمدة تقترب عن 20 
عامًا..

تبقى حقيقة  واحدة "لمن الملك اليوم...لله الواحد القهار"

ماما جابت بيبى







قالها أبى وهو يفتح الباب لى ولأختى ونحن عائدتان من الحضانة...لا أتذكر شيئًا من مراحل حمل أمى ..ولا أتذكر أنهم أخبرونى قبلها أنه سيٌولد لى أخ...ربما فعلوا ولكنى لم استوعب....كل ما أتذكره هو أبى وهو يأخذ بأيدينا وأنا وأختى بمرايل الحضانة البيضاء إلى المستشفى لنشاهد أمى والبيبى

ورأيته

كان وجه أبيضًا مستديرًا فى اللفة ....قالت أحدى خالتى "ده زى البدر" ...قالوا أنه وزنه كان كبيرًا وأنه أتعب أمى كثيرًا وأنها كادت تموت..هالنى خاطر أن تموت أمى...نظرت إلى الطفل الصغير وأنا لا أفهم كيف لمن بهذه البراءة أن يتسبب فى وفاة أمى....أتذكر أحدى السيدات الكبيرات فى عائلتى وهى تسارع إلى تغطيته كلما دخل أى شخص إلى الغرفة "يا ختى غطيه ..أحسن يتحسد"...لم يدر ببالى أن هذا المخلوق الضعيف سيتحول فى خلال سنتين إلى وحش يكسر كل عرائسى وبرمى مكعباتى من الشباك بل أنه سيصل أن يتطاول عليا أنا شخصيًا ويضربى...وكلما هممت أن أرد له الضربة ..نهرتى أمى وأبى ﻷنه ما زال صغيرًا....لم أفهم ما هذا المنطق غير العادل؟!!

ثم جاء اليوم المنشود، ارتدى أخى ملابس الحضانة البيضاء وأخذنته مع أبى وأختى إلى هناك وما أن هممنا بتركه حتى انفجر فى البكاء وتمسك بنا...جزعت بشدة ...خاصة أنه ظل يبكى لساعات طويلة...كل يوم يبكى عندما نتركه وأنا أحزن لبكائه...أثر فى الموضوع لدرجة أنى خفت أن يتكرر نفس الأمر بعد 6 سنوات عندما هم أخى الأصغر بدخول الحضانة لذا قمت  بإعداد برنامج تهيئة له وظلت أحكى له عن جمال الحضانة وأخبره أننا سنتركه هناك ولكننا سنعود إليه وسيكون هناك ولاد وحشيين يبكون فلا يجب أن يتأثر لبكائهم...وكم كنت سعيدة عندما لم يبك واعتقدت أننى نجحت فى أن أجنبه الآلام التى مر بها سابقاه.

كم تمر الحياة سريعًا...لا أعلم لماذا تبدو ذاكرتى بيضاء  ولولا الصور التى لدينا فى المنزل لما تذكرت أننا كنا نذهب للملاهى والمصايف ..لا يبدو لكل هذه الأحداث نصيبًا من ذاكرتى الانتقائية التى يبدو أنها تختار أن تبقى بها فقط الأحداث التى سببت لى ألمًا أو جزعًا أو حيرة أو مفاجأة...مثلًا أتذكر يوم سقط من على الحصان وأتذكر أمى وهى تضع عشرة قروش على جبينه وتربطه وإلى الآن لم أفهم كيف تعالج العشرة قروش البطحة التى فى جبين الإنسان...أتذكر يوم كنا فى المزرعة واختاره الكلب من بيينا ليعضه وتهرول به أمى إلى المستشفى ليأخذ حقنة فى بطنه أما الكلب فقد تكفل به أبى بطلقة من مسدسه...حزنت لتألم أخى ورُوعت لمقتل الكلب...حاولت أمى إقناعى أنه مسعور ولو تركه أبى لعض آخرين وتسبب لهم بالأذى...لم أفهم..كنت متخيلة أنه كان يمكن شفاء الكلب وأن من الحرام قتله، أخذ الأمر منى ما يقرب من عشرون عامًا لاكتشف أن من بنى آدم أنفسهم من يصل لدرجة السُعار...والحل الوحيد لتخليص المجتمع من شرورهم هو طريقة أبى...

أتذكره يوم نتيجة الثانوية العامة وقد جعلته نصف درجة يدخل جامعة عين شمس بدلًا من القاهرة ولكنى لا أتذكر متى تعلم قيادة السيارات ولكن من وقتها وأصبح موصلاتى العائلة وكنت دائمًا ما أدعابه "انتى جاية تشتغلى إيه؟"...ما زلت أتذكر يوم أيقظنى من النوم ﻷجده يحمل كلبا كبيرًا من الفرو الأصفر..كان هدية عيد ميلادى...اسميته "جعلص" ..ومن وقتها أصبح القاسم المشترك فى صور العائلة التى تلتقط فى المنزل

أحضر يومًا حوضًا من الأسماك للمنزل...كان يعتنى به كثيرًا...من صغره وهو يحب الحيوانات...فى يوم تشاجرنا معه أنا وأختى..جلس أمامه حزينًا نحو الساعة ...ثم قام ليعتذر لنا ويصالحنا...كانت ومازالت عنده العائلة أهم شىء.....كم من مرة كان يقدمها على نفسه...ربما اكتشفت الآن سبب بكائه كلما تركناه فى الحضانة...لم يكن للأمر علاقة بالتهيئة النفسية ...بل هى طبيعة شخصية

وسافرت...وفى كل مرة أزور مصر كان هو آخر وجه أراه مودعًا وأول وجه أراه مستقِبلًا....ألم أقل لكم "سواقة"؟! والآن يقولون أنه بالأمس كان "عريسًا"...يقولون أنه كان وسيمًا فى البدلة الرمادية والقميص الروز...يقولون ويقولون
كم كنت أتمنى أن أراه ..كنت أرجو أن أضيف له صورة فى ذاكرتى.. صورة بجواره صوره فى اللفة والحضانة والمزرعة وهو يحمل "جعلص" ...لا لا أريدها صورة ديجتال بلا روح يرسلونها لى بالإيميل...أريدها صورة حية حقيقة تحتفظ بها ذاكرتى للأبد
كم كنت أريد أن أحضنه وأقبله وأقل له أنى أحبه منذ أن رأيته بدرًا مستديرًا فى اللفة وكنت وكنت
مئات الأمانى والأفكار...يحيط بها السؤال الوجودى المعتاد...
"ما هو الثمن الذى تدفعه بغربتك؟"

دينا سعيد
19-7-2012

Wednesday, July 18, 2012

الغربة


محمد أبو حامد



أصبح من الروتين اليومى أن نجد تصريحًا أو اثنين على الأقل من الأستاذ "محمد أبو حامد" يهاجم فيه الأخوان المسلمين سواء على تويتر أو الفيس بوك أو الفضائيات وتأخذ الصحف هذه التصريحات وتنشرها وبخاصة "الموجز" و"المصرى اليوم" على اعتبار أن محمد أبو حامد شخصية عامة يهمنا معرفة رأيها. التصريحات من نوعية "الأخوان أسوأ من الحزب الوطنى" ..."الأخوان سرقوا الثورة ويريدون سرقة الدولة وهدم أركانها".."والتنظيم السرى الإرهابى للأخوان" ..إلى آخره عندنا مشكلتان أساسيتان:

المشكلة الأولى:
 أن هناك فرق بين المعارضة الحقيقة التى تبغى مصلحة الوطن وبين اللت والعجن..ما يفعله "محمد أبو حامد" فى رأيى مجرد لت وعجن...لعب بالألفاظ وكلام مثير يصلح منشيات فى الجرائد ولكن بلا أى دليل أو عمق أو حتى محاولة للإصلاح..الأخوان بالنسبة لأبو حامد هم "الشر المطلق".."الشياطين الحمر" ...ويبدو أنه مستعد للتحالف مع أى انسان من أجل إسقاطهم ...وكأن الأمر معركة شخصية الأخوان فازوا بالأغلبية فى كل الانتخابات التى حدثت بعد الثورة سواء شورى أو شعب أو رئاسة (مع كل ما كان فيها من إشاعات وحرب إعلامية قذرة) ولو أعدنا الانتخابات مائة مرة سيفوزون لأنهم أكثر القوى السياسة الحالية تنظيمًا ...من أين ياتى كلام "الأخوان سرقوا الثورة"؟ هل معنى أن تفوز فى انتخابات عادلة "نزيهة" أنك قد سرقت الثورة؟ من يحترم الديمقراطية...يحترم اختيار الناس من يريد المعارضة الحقيقة...يوحد جهوده مع باقى معارضي الأخوان وينظم نفسه فى كل قرى ومدن مصر حتى يستطيع الفوز بالانتخابات من يريد أن يعترض على قرارات الرئيس والبرلمان (التى لا أوافق شخصيًا على كثير منها)..يعترض ويبين لماذا هو معترض؟ وما عواقب هذه القرارات؟ ولا يعترض من أجل الاعتراض فقط..وفى كل اعتراض يقول "الأخوان سرقوا الثورة".."بلطجية الأخوان"..."الأخوان أسوأ من الحزب الوطنى"...ناقش القرار الذى لا يعجبك بدون أن تجرح فى الشخص ذاته

 المشكلة الثانية: 
بعض الصفحات الأخوانية مثل "أنت عيل أخونجى" وبعض الشباب من المتحمسين للأخوان يتخذون أبو حامد عدوًا وبالمثل يجرى التجريح فى شخصه بألفاظ يعف لسانى عن ذكرها أبسطها "كلب ساويرس" وهذا ليس من أخلاق الإسلام فى شىء أولًا وليس من السياسة فى شىء ثانيًا " «أحبِبْ حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بَغيضك يوماً ما, وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما». والحقيقة أنه كلما ازداد الهجوم على "أبو حامد" ومن هم على شاكلته بطريقة غير موضوعية جارحة كلما ازدادوا ضراوة وعنفًا أتمنى بدلًا من أن نشغل أنفسنا بمهاجمة الأشخاص والتفكير الأحادى"من ليس معى فهو ضدى" أن نركز أكثر على مناقشة الأفكار وأن نتذكر أن

 " العقول الكبيرة تناقش الأفكار والمتوسطة تناقش المواقف أما العقول الصغيرة فهي التي تناقش الأشخاص"


دينا سعيد
18 July 2012