Search This Blog

Friday, October 22, 2010

الغربة تهذيب وإصلاح - الجزء الثانى - شكر الناس



بعد حوالى عامين من الغربة، أصبحت العديد من تصرفاتى تدهشنى بدرجة تجعلنى دائما أتساءل: هو أنا هأقدر أعيش فى مصر تانى إزاى؟

من هذه التصرفات اندهاشى من اندهاشى عندما أجد أحد يشترى شيئا أمامى فى الطابور و ينصرف دون أن يشكر البائع، فأنظر إليه فى اندهاش وأقول فى سرى ما هذا الشخص الغير مهذب؟ اليوم مثلا كنت جالسة مع أحد صديقاتى وخبطها شخص بحقيبته خبطة صغيرة و هو يتحرك بدون أن يقصد، انتظرت أن يعتذر إليها هذا الشخص ولكنه لم يفعل فقلت ما هذه الجليطة؟

ثم غرقت فى تأمل التغيير الذى طرأ على شخصيتى من خلال معايشتى للثقافة الغربية التى تعلم أبناءها ثلاث كلمات أساسية:
Please, Thank you, and Sorry
مما يجعل هذه الكلمات عادة أساسية فى حياة الانسان، فمثلا عند ينزل الشخص من الأتوبيس يقول للسائق 
Thank you
والسائق يقول له
You are welcome
وتصادف مرة أن ركبت الأتوبيس فى ميعاد دخول المدرسة الصباحى وعند وصول الأتوبيس لمحطة المدرسة نزل منه حوالى 15 شاب وفتاة أعمارهم لا تزيد عن 14 سنة، كان كل واحد يشكر السائق وهو خارج من الأتوبيس
تخيل أنك تسمع 15 
Thank you 
ورا بعض
وإذا كنا فى رحلة نجد قائد الرحلة فى آخر الرحلة يشكر السائق وكل من ساهم فى نجاح الرحلة و نجد كل من الأتوبيس يشكرون قائد الرحلة على مجهوده طوال النهار ويصفقون له. وغالبا فى نهاية أى كورس يشكر الطلاب المدرب ويصفقون له. أشياء بسيطة جدا ولكنها ذات معنى كبير فى رأيى

ولا أعلم لماذا لا نجد فى ثقافتنا العربية من يقول لسائق التاكسى أو الميكروباص شكرا أو جزاك الله خيرا؟
ولا نجد من يقول للبائع شكرا لك؟
لماذا اختفت كلمة الشكر من حياتنا؟
حتى أقرب الناس لنا لا نشكرهم غالبا
فنادرا ما يشكر الرجل زوجته على وقوفها طول النهار لإعداد الطعام أو لكى الملابس، وبالتالى لا يشكر الأطفال أمهم على نفس الأشياء. ولا تشكر الزوجة زوجها عند إحضاره طلبات المنزل، وبالتالى لا يشكر الأطفال والدهم عند إحضاره بعض الهدايا أو الحلوى لهم. ونادرًا ما يشكر الأطفال مدرسيهم أو يشكر المدير موظفيه


والواضح أن المشكلة فى الثقافة العربية إجمالًا فقد كنت أتحدث إلى ممرضة مسلمة هنا فى كالجرى فقالت إلى أنى اندهش من أن الكنديين يبالغون فى شكرى بعد الانتهاء من تمريضهم ولكن المسلمين وبخاصة العرب يقولون 
salam alikom sister
ويرحلون دون كلمة شكر واحدة


رغم أن الشكر والكلمة الطيبة شىء أساسى فى ديننا بل أنها ترقى إلى الصدقة  بمعنى أننا نأخذ حسنات على الكلمة الطيبة

فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم
"الكلمة الطيبة صدقة"

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشكر الناس ، فقال : ( مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه ، فَإِن لَم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم قَد كَافَأتُمُوهُ ) رواه أبو داود (1672) وصححه الألباني .

ويقول  : ( مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا . فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ  

ألا نخاف على الأقل من زوال النعمة؟

يقول الحسن البصرى
إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا، ولهذا كانوا يسمون الشكر... "الحافظ" لأنه يحفظ النعم الموجودة، و"الجالب" لأنه يجلب النعم المفقودة"

ستقولون أن هذا شكر الله، نعم ولكن شكر الناس من شكر الله

فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول
"لا يشكر الله من لا يشكر الناس"

تأملوا معى قوله تعالى
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7}

أقرأوا معى الآية ثانية وتدبروها كيف جعل الله تعالى الكفر مضادًا للشكر، واعتقد أن المقصود هو الكفر بالنعمة


فدعونا ننشر ثقافتنا الإسلامية الجميلة ونعود لساننا وأطفالنا على شكر الكبير و الصغير، وعلى الاعتذار عند الخطأ...دعونا نغير من مجتمعنا ولنبدأ بأنفسنا. وإذا كان غيرنا يبتسم و يشكر الآخرين لأنه تعود على ذلك أو لأن وظيفته تجبره على هذا فنحن والحمد لله لدينا فى ديننا ما يجعل هذه السلوكيات بابًا للحسنات و التقرب لله تعالى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا"

من فضلكم أنشروا معى هذا الفيديو الرائع

وجزاكم الله خيرا

Friday, October 15, 2010

مصر هى أمى؟

تعددت ردود الفعل على مقالتى عن الغربة ومعاناة المصريين من بعدهم عن وطنهم. فكان هناك المصدق و كان هناك المندهش و كان هناك الغاضب أيضا ولكن أغرب ردود الفعل تلقيتها من أخى الذى لم يتجاوز بعد السبعة عشر عاما حيث دخل معى فى مناقشة حامية عن معنى الوطنية سألنى آخرها فى تهكم : "تقدرى تقوللى سبب واحد يجعلنى أشعر بالانتماء لهذه البلد؟"

وأُسقط هذا فى يدى لأن معنى السؤال أنه لا يشعر فعلًا بأى انتماء و لا حب لمصر..اعتقدت أن أخى حالة فردبة ولكن بمناقشة أصدقائى وجدت أن معظمهم تعرضوا لأسئلة مشابهة من أقاربهم من نفس جيل أخى : "أنتم عاوزينا نحب مصر ليه؟" ..."أحنا بنحلم باليوم الذى نسيب فيه البلد"...وكلام من هذا القبيل

أيكون هذا معقولًا جيل كامل لا يشعر بأى انتماء تجاه وطنه ؟ وهل ولو قدر الله الحرب و دخلنا فى حرب سنجد أحد مستعدًا للتضيحة بحياته و القتال من أجل  مصر؟ وهل هذا الشباب عنده أدنى استعداد ليعمل من أجل بلده أم أن كل تفكيره فى نفسه و مستقبله و حياته التى فى اعتقاده أنها لن تستقيم ألا لو هاجر لأى مكان فى العالم؟

فكرت أياما طويلة فى كتابة مقال للرد على هولاء الشباب و تذكرت حديث حسين فهمى مع أحمد السقا فى فيلم مافيا عندما حاول أن يقنعه أن مصر مثل الأم، قد لا تكون أجمل ولا أغنى أم فى الدنيا ولكنك تحبها و لا ترضى عنها بديلًا ، زى ما هى حبها بحلوها ومرها

أعجبنى التشبيه وهممت أن أعرف سماعة التليفون لأفحم أخى وأقول له أنظر كيف تحب ماما وتسعى لرضاها و تفتقدك لو بعدت عنها، يا ترى لو جاءت أجمل وأغنى ست فى الدنيا وطلبت منك أن تكون أمك بدل ماما هل سترضى؟
ثم توفقت قبل أن أتكلم كلمة واحدة لأنى تذكرت حنان أمنا و حبها لنا، تذكرت لهفتنا علينا كلما أبتعدنا و جزعها كلما أصابنا أى مكروه... بل أنها تلوم نفسها دائما على تقصيرها فى حقنا رغم أنها ضحت بكل شىء تملكه حتى صحتها من أجلنا ثم تتحسر أنها لا تملك المزيد لتضحى به من أجلنا ....إن أمًا مثل أمنا لا تملك سوى أن تحبها حتى وإن لم تكن أكثر النساء ثقافةً و جمالًا و ثراءًا...إن هذه الأم العظيمة لن تجعلك يومًا تتساءل أعطنى سببًا واحدًا لأحبها أو أسأل عنها أو أعيش العمر كله خدام تحت قدميها؟

ولكن هل هذا حال كل الأمهات؟ تذكرت زميلًا لى أندهش جدًا عندما أخبرته أنى لا استطيع أن يمر على يوم بدون أن أسمع صوت أمى فأخبرنى أنه لم يكلم أمه منذ سنوات عديدة ولا يعرف عنها ولا تعرف عنه أى شىء...لم استطيع أن استوعب كيف يمكن لشخص أن يبعد عن أمه هكذا؟ فقال لى أنه لا يحمل لها أى مشاعر ايجابية و لا يدين لها بأى فضل سوى أنها كانت سببًا فى مجيئه للحياة...لم يقل أكثر من ذلك وأنا لم أسأل..ربما كانت أمه تضربه..ربما تركته فى صباه و تزوجت من رجل آخر...لكنه بالتأكيد لم يشعر معها بأى لحظة حب وولا عطف ولا حنان..بالتأكيد لم تربت على كتفه عند فشله ولم تحتضنه عند نجاحه....ولم تكن له الحضن والأمان الذى يبحث عنه أى طفل فى العالم

ربما كانت مصر بالنسبة لى و لجيلى وللأجيال السابقة مثل أمنا الحنون التى تمتعنا بجزء من خيرها و عطائها  و عشنا فى طفولتنا و مراهقتنا مع مسلسلات مثل رأفت الهجان و جمعة الشوان و عندما كنا نقرأ فكان د. نبيل فاروق يسقينا من حب الوطن مع كل مغامرة لرجل مستحيل أو ملف المستقبل كما  تربينا على أغانى مثل "مصر هى أمى" و "يا أغلى اسم فى الوجود"، أنا شخصيًا كنت أعزف هاتين الأغنيتن يوميًا فى طابور مدرستى التى هى بالمناسبة مدرسة راهبات فأيامنا لم يكن هناك وطن للمسلمين ووطن للمسيحيين بل كنا جميعا نتغنى بحب وطن واحد...لذلك مهما رأينا منها ما زلنا نحمل الحب و العرفان بالجميل و ذكربات الأيام الحلوة ومستعدين أن نغفر لها بعض الاساءة كما نغفر لأمنا ثورتها و غضبها علينا

أما أخى وجيله فمصر بالنسبة لهم مثل أم زميلى القاسية الجاحدة التى لم ير فيها سوى فساد و رشوى و محسبوية حتى وإن لم يخرجوا بعد إلى العمل فما يسمعونه فى الإعلام وممن هم أكبر منهم يكفى...جيل أخى الذى لا يجد فى المسلسلات العربية الحالية السمجة الطويلة ولا الأفلام العبيطة شيئًا يستهويه فأصبح لا يشاهد سوى مسلسلات وأفلام أجنبية..وبالطبع لم يعد يقرأ سوى ما يكتبه الأصدقاء على الفيس بوك...جيل أخى كانت تُعزف يوميا فى طابور مدرسته "سهر الليالى" وفى حفلة المدرسة "أطبب وأدلع" رغم أن مدرسته كان يملكها رجل فاضل يقيم موائد الرحمن يوميا فى رمضان..ولكن للأسف فى الامتحانات كان كل المدرسين يغششون العيال لكى تصبح نتيجة المدرسة جيدة... هذا الجيل الذى لم يرضع حب مصر فى صغره أصبحت مصر بالنسبة لهم مثل زوجة أبيهم يترقبون  أى خطأ ليلوموها حتى لو كان هذا لو كان ضحية هذا الخطأ ابن عم بنت خالة أبيهم...لا يهم من الضحية فكلنا خالد سعيد...وكلنا سمية أشرف ..وكلنا إبراهيم عيسى... لا يهم

أرأيتم المفارقة؟ 

أشعر أننا نمر فى مصر الآن بنكسة أشد بكثير من نكسة 67..فعلى الأقل بعد النكسة كانت كل أجهزة الدولة من تعليم و إعلام و جيش و شرطة تعمل من أجل معركة التحرير وكان كل مصرى يحلم بيوم استرداد الأرض..أما الآن فكل أجهزة الدولة تعمل من أجل هدف يعلمه كل مصرى بينما كل شاب يحلم باليوم الذى يترك فيه مصر ويهاجر وهو كل ما يبغى كما قال عادل إمام فى فيلم الإرهاب و الكباب "أنا مش عاوز غير أدميتى"

أما إذا كلمتهم عن مصر ومشاكل مصر و ما يحدث فيها ولها فإنهم سيقولون لك 
" يا عم كبر الجمجمة ...منهم فيهم...البلد دى بلدهم يعملوا فيها ما بدالهم"

يا خسارة يا مصر

بقلم دينا سعيد - 15 أكتوبر 2010

---------------
ويبقى الشعر

الحب يعنى اتين بيدوا
مش ايد بتبنى وستميت تيت تيت يهدوا
الحب حالة
الحب مش شعر وقوالة
الحب يعنى براح فى قلب العاشقين للمعشوقين
يعنى الغلابة يناموا فى الليل دفيانين
الحب يعنى جواب لكل المسجونين
هما ليه بقوا مسجونين
يعنى أعيش علشان هدف
علشان رسالة
يعنى أحس بقيمتى فيكى
إنى مش عايش عوالة
يعنى لما أعرق تكافئيى بعدالة
الحب حالة
الحب مش شعر وقوالة
الحب حاجة ما تتوجدش فى وسط ناس
بتجيب غداها من صناديق الزبالة

هشام الجخ الهويس