Search This Blog

Monday, August 27, 2012

القلب الغاضب (2)





دخلت (سما) إلى حجرة الطبيب النفسى وقالت له أن صديقتى حكت لى أن حضرتك شخصت حالتها بأن عندها
borderline personality disorder
بسبب ضرب والدها وقسوته عليهم
وأنا أيضًا كان والدى يضربنى واعتقد أن عندى نفس المرض

الطبيب: لا يشترط أن كل من يضربه والده يصاب بهذا المرض... ربما كانت عنده مشاكل آخر
أو ليست عنده مشاكل على الأطلاق....ما مشكلتك تحديدًا؟

تجاهلت سما السؤال وقالت:
لقد أحضرت مفكرة ﻷكتب فيها كما قلت حضرتك لصديقتى ولكن أجدنى لا استطيع أن أكتب أى شىء

الطبيب: هذا شىء متوقع فعقلك يحاول دفن الذكريات القديمة كلما كانت أليمة ..سأحاول أن أساعدك بنقطة بداية...ما رأيك أن تكتبى عن المرات التى شعرتى فيها بالألم الشديد أو الإحباط سواء فى طفولتك أو مراهقتك أو حتى الآن...اكتبى عن كل مرة..ماذا حدث؟ كيف شعرت بالتحديد؟ وماذا فعلتى لتسيطرى على الألم الذى تشعرين به؟

حدقت "سما" فيه للحظات ثم سكتت برهة وهى تتشاغل بالنظر إلى الأشياء الموضوعة على المكتب وفجأة قالت:
حضرتك نبهتنى لنقطة مهمة وهى إنى أحيانًا كثيرة استغرب نفسى فى ساعات الغضب ..أجدنى أتصرف كوالدى فاتعصب وأسب وربما أضرب أولادى...أعتقد أنى لو رأيت وجهى فى المرأة لشاهدت نفس تعابير وجه أبى عندما كان يضربنا...إنى أكره نفسى وقتها وكل مرة أقول إنى سأسيطر على أعصابى ولا أفلح
ومرات آخرى أجدنى أتصرف كأمى أذهب لغرفتى وأغلق على الباب وأتمنى أن يختفى كل الناس من الوجود ولا أكلم أحد فيهم أبدًا..حتى أولادى لا أطيقهم ولا أطيق النظر إليهم..
وهنا انهارت "سما" فى البكاء وهى تكمل "أشعر إنى أم سيئة للغاية"

الطبيب: غالبًا الشخص يقلد السلوك الذى تعود أن يراه فى أسرته ﻷنه ينطبع فى ذهنه أن هذه هى الطريقة لمعالجة الغضب أو الحزن أو الألم...العقل غالبًا ما يتعلم بالأمثلة الحية
learning by example
لو كان مثلا والدك عندما يغضب يكسر فى المنزل...أو لو كان والدتك تبكى وتنهار فلربما وجدتنى نفسك تقلدين هذا السلوك أيضًا

سما: عندك حق يا دكتور ابن عمى على سبيل المثال يدخن بشراهة رغم أن والده مات بسرطان الرئة وأنا طول عمرى استعجب كيف يدخن وقد رأى والده يتعذب ويموت بسبب التدخين

الطبيب: ﻷنه سلوك اعتاد أن يراه كثيرًا فأصبح مطبوع فى العقل الباطن كعادة ..معظم البدناء الذى يأتون لعيادتى من عائلات بدينة ..أن الأمر ليس جينات فقط...بل هو موروث من العادات الخاطئة المرتبطة بالأكل انطبع فى ذاكرتهم منذ الطفولة...
قولى لى يا سما هل تتذكرين أى موقف مؤلم فى حياتك تصرفتى فيه بغير الغضب والسباب كوالدك أو الانعزال كأمك؟

سما وقد برقت عيناها: نعم مرة كنت أسمع "عمرو خالد" وكان يتحدث عن ثواب الصبر على المصائب والمحن واللجوء إلى الله عن الازمات..بعدها بيوم أو أكثر -لا أتذكر- توفى جدى فأول شىء عملته عندما سمعت الخبر كان أن صليت ركعتين ودعيت فى السجود أن يربط الله على قلبى...أتعلم يا دكتور كنت أهدأ الناس فى العزاء بل كنت أنا من يواسى عماتى ويقرأ لهم القرآن..كنت مستغربة نفسى جدًا وقتها

الطبيب: وهل هناك موقف آخر؟

سما: نعم أتذكر يوم حصلت على مجموع أقل مما استحقه خرجت من الكلية وظلت أمشى أمشى فى الشارع حتى وجدتنى بالمصادفة أمام الجيم فدخلت ولعبت رياضة لمدة ساعتين كاملتين...وعندما رجعت المنزل كنت أهدى بكثير

الطبيب: إذن لو كنتى كاتبة ملاحظة لنفسك عما تودين أن تفعلينه فى حالة الحزن أو الغضب فماذا ستكتبين؟

سما: اعتقد أنى سأكتب أن اللجوء لله ولعب الرياضة شىء لابد أن أفعله عندما أشعر بالحزن ..ثم ترددت: ولكن يا دكتور هذا صعب جدُا ...لقد حاولت عدة مرات من قبل وما زلت لا أقوم بشىء عند الحزن إلا الغضب أو العزلة

الطبيب: ولكن كما قلتى هناك مرتان لم تفعلى ذلك وربما لو فكرتى لوجدتى مرات أكثر...بمعنى أنه أمكنك فى بعض الأحيان السيطرة على انفعالاتك...كل ما تحتاجينه هوأن تتذكرى ما الذى ينجح فعلًا فى تهدئتك وما الذى يزيد الطين بلة؟
هل تعتقدى أن هناك شىء آخر يمكن أن تفعليه ليعطيك السلام والاطمئنان فى ساعات الحزن؟

سما: ربما أود أن أجرب أن اشترى وردًا...فأنا أحب الورد جدًا أو ربما كان التحدث والفضفضة مع صديقتى "هالة" مفيد أو أن أنظف المنزل....ما رأيك؟

الطبيب: طالما أنك تعتقدين أن هذه الأشياء قد تسعدك فلماذا لا تجربينها...أنتى طبيبة نفسك...ما عليك سوى الجلوس مع نفسك والتفكير كيف تودين أن تتصرف "سما" عند الغضب والحزن

سما وقد ظهر عليها القلق: هل تعتقد يا دكتور أنى سأنجح فى التغير؟

الطبيب: أكيد الموضوع سيأخذ وقتًا...تذكرى ما قلته لك من قبل
small baby steps
أنتى الآن على الأقل تعرفين نفسك بشكل أفضل وتعلمين سبب مشاكللك
ما عليك سوى الثبات والصبر

سما: أنا أعلم أن الرسول قال (إنما الحلم بالتحلم وإنما الصبر بالتصبر)
ولكن يبدو الطريق طويلًا وصعبًا والمشكلة التى أفكر فيها الآن أن بناء على كلام حضرتك من الممكن أن يصبح أولادى مثلى وأن يعانون كما أعانى...لابد أن اتغير من أجلهم

الطبيب: ومن أجل نفسك...أنك تستحقين أن تشعرى بالراحة والسعادة...هذه رحلتك من أجل السعادة..عندما تكتبين ولو صفحة فى المفكرة كافئى نفسك باحضار هدية لها تحبها

ذهبت سما للمنزل وقضت أيام تحاول الهرب من الكتابة والانشغال بأشياء آخرى حتى كان اليوم الذى حدثت لها ضائقة مادية وبدون أن تدرى وجدت نفسها تضرب ابنها البالغ من العمر 3 سنوات ﻷنه كسر لعبة من لعبه

لحد هنا واستوب ...قالت سما لنفسها....إلى متى ستهربين من مواجهة نفسك؟
جلست لتكتب وأخذت تكتب وتكتب..تتذكر فتكتب حتى تعبت من الكتابة وإن كانت شعرت ببعض الراحة ولكن ما زالت تشك أنها سوف تتغير عن حق وتعتقد أنها ستسقط أما أول اختيار.

خرجت لتحضر هدية لنفسها مكافأة على البدء فى الكتابة كما قال لها الطبيب ولكنها فى الطريق تذكرت قوله (ص): "داووا مرضاكم بالصدقة"...وهنا قكرت أن تتبرع بنقود الهدية ولكن وقع بصرها على الخاتم الذهبى الذى تلبسه وتذكرت قوله تعالى "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"
ترددت قليلًا ثم دخلت محل مشغولات ذهبية وباعته ثم ذهبت لجميعة خيرية بقرب منزلها وتبرعت بثمنه ...أمسكت الإيصال بفرحة وضمته إلى صدرها ..فكانت هذه أجمل هدية أحضرتها لنفسها.


دينا سعيد
17-8-2012

ملحوظة: تمت المراجعة من الطبيبة النفسية ريهام نجيب

القلب الغاضب (1)

لا يكاد يتجاوز طولها المتر تقف مرتدية بيجامة العيد البيضاء وظهرها ملتصق بالحائط من الخوف...تكاد أسنانها تصك من الرعب ويقترب منها...طوله يقارب ضعف طولها...يقترب أكثر بعضلاته المفتولة وكتفيه العريضتين...كاد الرعب أن يقتلها ...وفجأة هوى عليها بالحزام يضربها"

تفجرت الدموع فى عينيها وهى تروى للطبيب الوسيم الجالس أمامها أكثر لحظات الرعب التى عاشتها من أكثر من عشرين عامًا...ما زالت ذاكرتها تذكر كل لحظة...لا تتذكر ألم الضرب قدر ما تتذكر الرعب والخوف الذى ملأ قلبها ...لا لم تكن طفلة فلسطينية هاجمها جندى الاحتلال....بل كانت طفلة عادية أخطأت
خطأً  ربما يخطأه أى طفل فى سنها ولكن كان هذا هو عقابها من...أبيها

قالت:
أتعلم أنى أشعر بغصة فى قلبى كلما أجد صديقة لى تتحدث عن والدها وكيف كان حنونًا عليهم؟....كنت قديمًا أحسدهم
...ولكنى الآن أحزن فقط ﻷنى لم يكن لى هذا الأب
 لكن ما علاقة المشكلة التى أعانى بها بذكريات طفولتى؟

قال
ﻷن المرض الذى عندك اسمه
Borderline Personality Disorder
وغالبًا الأطفال الذين يتعرضون للقسوة أو الهجر من أهلهم* يصابون بهذا المرض عندما يكبرون ﻷنهم يفتقدون عامل الأمان...يشعرون أنه لا تسامح مع أخطائهم مهما كانت ...يشعرون أنهم فاشلين ومهما فعلوا فهم دون المستوى الذى يرجوه أهلهم..وعندما يكبرون تصبح شخصيتهم مضطربة ..يحاولون اللجوء لطرق لمواكبة الألم النفسى الذى يشعرون به قد يكون إدمان المخدرات أو الكحوليات أو الأكل أو اﻷدمان فى صوره الحديثة (الفيديو جيم والانترنت ) ..غالبًا ما تكون علاقتهم الاجتماعية غير سوية ويكون مزاجهم العام متقلب...أيامًا كثيرة يصابون بالاكتئاب وعدم القدرة على العمل والانتاج...ويكون تفكيرهم فى الناس والحياة بمنطق يا أبيض يا أسود...أو ما نسميه نحن
All or nothing thinking

قالت:
ولكنى لا اعتقد أن أبى شريرًا ...هو كان يحبنا ويفعل هذا ليربينا

قال:
بالطبع هو يعتقد أن هذه هى الطريقة المثلى لتربيتكم...حاولى ألا تلوميه ﻷنه فعل ما كان يعتقد أنه الأمثل لكم  وبالتأكيد لا تلومى نفسك على ما أنت فيه ...فلست أنت من شكلتى شخصيتك لتصبح هكذا
ولكن من الآن أنتى المسئولة عن تغييرها وإصلاحها وانتى تستطعين ذلك

قالت:
لا اعتقد أنى استطيع تغيير نفسى لقد حاولت كثيرًا وفشلت ما أن أخطو خطوة حتى أرجع عشرات الخطوات

قال:
ﻷنك تفكرين بنفس الأسلوب
All or nothing thinking
يا أما تكونين فى أفضل حال ممكن يا أما تسقطين إلى الهاوية
لابد أن تأخذى عملية التغيير بالتدريج
"small baby steps"
وأول خطوات للعلاج أن تحضرى أجندة لتكون مفكرة لك
تكتبى عن كل ذكرياتك فى الطفولة والمراهقة هناك أشياء كثيرة ستجدين انك لا تتذكريها ﻷن مخك يريد أن ينساها
ولكن ما أن تبدأى الكتابة حتى تتذكرى...اكتبى لنفسك كل شىء حدث...سواء إيجابى أو سلبى
اخرجى كل انفعالاتك على الورق...اكتبى ...لا يهم النحو ولا الهجاء..
اكتبى بالعربى أو الانجليزى أيهما أقرب لقلبك...
المهم أن تكتبى على الأقل مرتين فى الأسبوع فى هذه الأجندة
هذه أولى خطوات العلاج
ستكون الكتابة بطيئة فى البداية وصعبة عليكى ولكن يجب أن تستمرى إذا كنتى تريدين إصلاح نفسك
وإذا أحسست أن انفعلاتك أكثر مما أن تحتمليها ...شاركى كتابتك صديقة تثقى فيها
أو تعالى تحدثى معى
لكن من المهم أن تكتبى


مستوحى من الفصل الأول من كتاب
The Angry Heart: Overcoming Borderline and Addictive Disorders


تمت المراجعة من الطبيبة النفسية ريهام نجيب

دينا سعيد
11-8-2012
-------------------
ملحوظة: هناك عدة أسباب آخرى لهذا المرض منها جينية وراثية ولكن حوالى 75% من المصابين به عانوا من تربية أسرية غير مستقرة (عنف بدنى أو اعتداء جنسى أو هجر ﻷحد الأبوين أو كلاهما والغالب أنه إذا كان أحد الابوين نرجسى
self-centered
فإن الأبناء يعانون من
Borderline Personality Disorder)

شاركها لتنبه الآباء لما قد يفعلونه بأولادهم
ولتنبه من لديه هذه المشكلة أن يلجأ للعلاج

Friday, August 24, 2012

القرآن حياة


تخيل أنك كنت تذاكر فى كتاب ثم سرحت فى القراءة فماذا ستفعل؟
ستعيد قراءة الجزء السابق مرة آخرى وتحاول التركيز فيه
فإذا سرحت ثانية هتحضر ورقة وقلم وتبدأ تكتب النقط الأساسية حتى لا تتوه
وربما عملت علامات بالماركر على الكلمات الهامة
ومنا من يرسم رسومات توضيحية..مين كان فين ورايح على فين
طيب لو قابلتك كلمة لا تفهمها ويتوقف عليها المعنى ماذا ستفعل؟
هتدور على النت أو فى القاموس على معناها
طيب لو قابلك مصطلح أو فكرة غير واضحة؟
هتفتح الكتاب الخارجى أو تدور فى النت على إيضاحات آخرى
طيب عمرك قرأت القرآن هكذا؟
لا أتكلم عن حفظ القرآن..بل أتكلم عن القراءة لكى تفهم لكى تستشعر
قارن بين حالتك مع الكتاب الذى تريد أن تفهمه للامتحان أو خلافه
وبين حالك مع كتاب الله ..ثم تأمل فى قوله تعالى ""ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب""
حاول أن تبدأ فى خاتمة تدبر فى المصحف..خصص لها وقتًا وليس كمًا
مثلًا سأجلس كل يوم نصف ساعة مع تدبر القرآن أو حتى كل أسبوع ساعة واحدة
فى هذا الوقت اهتم بالفهم ولو كانت المحصلة آية واحدة
المهم أن تتدبر
قال أحد الشيوخ مرة أنه إذا كان ثواب قراءة القرآن بمقدار الذهب فربما كان ثواب التدبر بمقدار الماس
وقال تعالى "كتاب أُنزل إليك ليدبروا آياته"
لا يمكنك أن تتغير بالقرآن بدون أن تتدبره وتفهمه ..اللهم اجعل خلقنا القرآن واجعلنا قرآنًا يمشى على الأرض كما أخبرت السيدة عائشة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

تنويه: الفكرة مستوحاة من درس للمهندس فاضل سليمان عن استقبال رمضان ومن دروس مسجد الحصرى
 
 

Monday, August 20, 2012

نظرية السلم فى الثبات على طاعة الله

إيه العنوان العجيب ده؟
:(

الفكرة ببساطة أنك لو تابعت معظم ما كتبه الأصدقاء فى الأيام الأخيرة من رمضان ستجد معظمهم فى خوف شديد من البعد عن الله بعد رمضان وعدم الثبات على الطاعة، وهذا يرجع لخبرات فى رمضانات سابقة...كل سنة ربنا يوفقنا لبعض الطاعات فى رمضان من صيام وقيام وقراءة قرآن وصدقات وبعد رمضان بشوية
فششششش
ونتقابل رمضان القادم إن شاء الله لو كان فى العمر بقية

لن أكرر كلام معظم الشيوخ من ضرورة الثبات على الطاعة ولكن أريد أن أشرح نظرية بسيطة اختصرتها فى الرسم التالى
Believer's state diagram




State diagram
هو رسم توضيحى للانتقال من حالة إلى حالة...فلنتخيل أن الطريق بيننا وبين الله على شكل سلم...وكل طاعة تجعلنا نصعد هذا السلم درجة وكل معصية تجعلنا نهبط منه درجة
فالذى يحدث فى حالة الطاعة أن تكون "ثمرة الطاعة طاعة" بمعنى أن غالبًا أنت بعد عبودية رمضان مهيىء لمزيد من الطاعات
فلو واظبت على هذه الطاعات تزداد ارتقاء فى سلم العبودية وهو الموضح فى الدائرة التى على اليمين

ثم يحدث أن يصيبك زيغ من الشيطان أو يدخل عليك هوى النفس فيُزين لك معصية ما ..فهنا تنتقل إلى الدائرة التى على اليسار
ولأن ثمرة المعصية معصية...فهذه المعصية يتبعها معاصى آخرى فتستمر فى الهبوط على الدرج ليصل بك الحل إلى
فششش

لذا فإذا أردت ألا تصل لفششش هذه فلابد أن تلحق نفسك بدرى بدرى
بمعنى أنه إذا فعلت معصية تتوب سريعًا وتعمل حسنة بسرعة
ولأن الحسنة بعشرة أمثالها فهى فقط لن تمحى السيئة بل ستجعلك ترجع إلى حالة الصعود مرة آخرى
وستهئيك إلى مزيد من الحسنات عن طريق "ثمرة الطاعة طاعة

مثال توضيحى:
راحت عليك نومة ولم تصل صلاة الفجر...فى ناس اليوم عندها بيقفل على كده ويصيبها الاكتئاب والألم لدرجة أنها ممكن تأخر صلاة الظهر كمان ولا تصليها هى أيضًا
الرسول (ص) قال من نسى صلاة أو نام عنها فلييصلها إذا ذكرها
خد بالك من "الفاء" هذه من أجل السرعة
بمعنى أن تصلى الفجر قضاء على طول
طيب أين اتبع السيئة الحسنة تمحها؟
ممكن تصلى الضحى أو تصلى سنة الظهر أو تنوى صيام اليوم أو غدًا أو تخرج صدقة أو تقعد تقرأ قرآن لو صفحة
هتلاقى نفسيتك أفضل وسيختفى الشعور بالذنب مما يجعلك تواظب على مزيد من الحسنات

طيب هل معنى هذا أن كل يوم لا أصلى الفجر ومش مشكلة هأعمل حسنات
هنا دخلنا فى مشكلة آخرى وهى الإصرار على الذنب
مثل من تترك الحجاب مثلا وتصلى كل الفرائض وربما السنن
فى هذه الحالة تكون واقف على سلمة واحدة
تعمل طاعة فتتطلع سلمة
ثم تعمل معصية فتنزل نفس السلمة
وبعدين طاعة تتطلع سلمة
ثم معصية تنزل نفس السلمة

عمال تتنقل من اليمين للشمال ومن الشمال لليمين رايح جاى
حتى يدركك الموت فى أيهما وتتوقف الحياة

وفى المقابل ستجد حد تانى بيعمل طاعة كبيرة ومواظب عليها مثل كفالة يتيم أو تحفيظ القرآن...هذا الشخص فى حالة صعود مستمر
بسبب هذه الطاعة الكبيرة حتى لو كان يعمل ذنوب صغيرة
ولكن طاعته هذه تجعله لا يهبط من الدرج بشدة ولا يصل إلى
فشششش
:)

طب نعمل إيه؟
أول حاجة تفكر فى  قوله (ص): "أحب الأعمال إلى الله أدوامها وإن قل"
حاول تضع خطة لعبادتك بعد رمضان...الزم نفسك بأشياء يومية وأشياء أسبوعية وأشياء شهرية
مثلًا ربما كنت تعجز أن تقوم الليل 8 ركعات فى الليلة ولكن أتعجز على قيام ركعتين فى عشر دقائق
أو أن تجد ساعة فى الأسبوع لتقوم فيها الليل ولو يوم أجازة؟
مثلًا قد تعجز على قراءة جزء كل يوم ولكن أتعجز على قراءة ربع من القرآن يوميًا فى عشر دقائق
قد تعجز عن صيام اثنين وخميس باستمرار ولكن أتعجز عن صيام يوم فى الشهر
فكر: لا تترك الصيام والقيام والقرآن كلية لتلاقهم فى رمضان القادم
وتذكر ثانية أن: ثمرة الطاعة طاعة وأن ثمرة المعصية معصية
وأنه لن يشاد هذا الدين أحدًا ألا غلبه فأوغلوا فيه برفق

أعاد الله علينا رمضان أعوامًا كثيرة ورزقنا وإياكم الثبات والقبول

دينا سعيد
19-8-2012


ملحوظة: من باب إرجاع الحق ﻷهله نظرية السلم تعلمتها فى مسجد الحصرى فى أحد دروس الأستاذ "محمد حامد" نسال الله له الهداية

Friday, August 10, 2012

ثلاثية غرناطةثلاثية غرناطة by رضوى عاشور

My rating: 5 of 5 stars



لن أكون مبالغة إذا قلت أن هذه الرواية هى أفضل ما قرأت فى حياتى من روايات...عادتى أننى عندما أقرأ رواية لا أتركها حتى أتمها ولكن مع ثلاثية غرناطة كنت لا أقوى أن أكمل أكثر من 20 صفحة ثم أتوقف أيام..أتأمل ..أفكر ...أروح وأرجع وهى فى بالى وفى خيالى

معذبتى...هكذا سميتها...كنت أخاف أن يأتى اليوم الذى انتهى فيه من قراءتها...وها هو قد جاء!

ما هذا الإمتاع! ما هذه اللغة العربية والوصف الدقيق للشخصيات والأحداث والأمكنة! لقد تداخلت الرواية مع أحداث حياتى..أكاد أشعر أن "مريمة" هى جدتى و"سليمة" هى عمتى و"على" هو ابن عمى....أشعر بهم بجوارى وأكاد أجزم أن غرناطة والزبياين والجعرافية وعين الدمع هى أماكن عشت بها

لن استطيع أن ألخص الأحداث فلابد أن تقرأها كما هى..تعيش معها وتأسرك كما أسرتنى...كم أتمنى أن نجد يومًا ما رواية كهذه عن مصر الحديثة ...مصر من بعد 52 إلى ما بعد الثورة الثانية...فهل يوجد من يستطيع أن يفعل ذلك؟ يكتب عن مصر بقلبه كما كتبت "رضوى عاشور" عن الأندلس

سأستعير هنا مقولة لصديقى ريهام نجيب "أنا بعد هذه الرواية لست كقبلها





View all my reviews

Tuesday, August 7, 2012

اليوم بكيت

اليوم بكيت وأنا أقرأ فى معذبتى "رواية ثلاثية غرناطة"...لم أعلم إذا كنت أبكى الأندلس أم فلسطين أم العراق أم سوريا..اختلطت عليا الأوجاع والمذابح...كلها تتشابه...نفس الجرح...نفس الألم...نفس الغدر
اليوم بكيت وأنا أقرأ خبر مقتل جنودنا فى سيناء...لم أعلم إن كنت أبكيهم أم أبكى شهداء الثورة....أهرب من عينى "مصطفى الصاوى" الذى وضعت صورته على مكتبى..أشعر أنه يعذبنى ويقول لى "لم أمت لتكونوا هكذا"...أأبكى مصطفى أم أبكى مينا دانيال أم أبكى عماد عفت أم أبكى مصطفى عبد الهادى أم أبكى كثيرون لم أعرفهم...الله يعرفهم
 أأبكى فتاة تمت تعريتها عنوة أمام كاميرات العالم فى ميدان التحرير أم أبكى نساء الاندلس اللاتى بعن سبايا فى أسواق النخاسة
أم أبكى نساء سوريا اللاتى يتم اغتصابهن من عصابات الشبيحة...ما لهم وللنساء؟ لماذا يكسرون الرجال بقهرهن؟

اتناقل بين أسطر الرواية وأقرا "مرمية" وهى فى الثمانين من عمرها تناجى ربها وتقول "والله ما عدنا نطيق..أين نصرك الذى وعدتنا"...تختلط دموعى بدموعها وودت أن أربت على كتفها وأقول لها "هونى عليك يا جدتى فالنصر الذى تنتظرينه ليس بآت ولن ترجع الأندلس بلادًا عربية ولو بعد 500 مائة...بل ستذهب بلاد المسلمين واحدة تلو الآخرى للاحتلال البريطانى والفرنسى والايطالى...يتقاسموننا كما يقتسمون كعكة عيد الميلاد ..ثم يتركوننا جهلة حفاة عراة بعد أن مصوا دماءنا ونهبوا ثرواتنا...غادرنا المحتل وخلف فينا ألف وألف باب للاحتلال الخفى...زرع فينا إسرائيل التى كنا نعتقد أنها سبب كل بلاوينا فاتضح أنها ناتج كل مشاكلنا...ولكن يا خالتى لا تقولى أن الله ظالم فما أراه أن الله ليس بظلام للعبيد ولكن الناس أنفسهم يظلمون"

كيف هان على مسلمى المغرب ومصر والشام والعراق وفارس ترك الأندلس تضيع هكذا..كيف تركوا أهلها يتنصرون قهرًا وتٌحرق مصاحفهم وكتبهم العربية..يُسمون قسرًا بأسماء قشتالية ويُساقون إلى قداس الاحد...يغسلون أمواتهم سرًا ويُعلمون أولادهم العربية والقرآن خفية...يصلون بإشارات من أصابعهم ويتحايلون فى ارتداء الملابس الإسلامية...كيف تركوهم هكذا؟ لماذا لم يهبوا لنجدتهم والدفاع عنهم؟
أكان بينهم من يقول مثل ما يقول بعض المصريين اليوم عن الفلسطنيين..ما لنا وفلسطين؟ عندنا مشاكل لا أول لها من آخر؟ نحل مشاكلنا ثم نلتفت لهم ..ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع...ثم إن الفلسطنيين باعوا ديارهم لليهود ويستحقون ما يحدث لهم. وإن منهم تجار مخدرات وقطاع طرق....ما لنا وهم؟
أكاد أقطع بأن أهل المغرب كانوا يقولون مثل هذا الكلام عن أهل الأندلس حتى ضاعت الأندلس وضاعت بلاد المسلمين من ورائها.

حقًا أنه لأحمق من يعتقد فى هذه الحدود التى تفصل بين البلدان الإسلامية ويظن أنه بحماية حدود بلده قد أصبح فى أمان..فعلها الملك حسين من قبل عندما أفشى سر حرب أكتوبر...وبرر وما زال يبرر ما فعله بعض الكتاب الأردنيين...كان لابد أن يحمى الأردن...الأردن فى أمان ﻷننا فى وفاق مع الصهاينة ...هكذا تصبح الخيانة وجهة نظر وتصبح دماء الأخوة ثمنًا رخيَصا ﻷمن ما تعتقد أنه وطن...

ما أسهل تجارة الدماء!
يقتلون بعض الأنفس الطاهرة هنا وهناك..ويا حبذا لو كان القتل فى رمضان ..ساعة إفطار..كلما كان الجرم ابشع كلما زاد الخوف
تسيل الدماء...فتهرول الحملان والجرذان المذعورة إلى الذئاب...يعقدون معهم المعاهدات والصفقات
فعلها ملوك الأندلس من قبل...قالوا أن المعاهدة قدر ومكتوب وأنه ليس فى الإمكان المقاومة ..ولا بأس من تقديم بعض التنازلات فالسياسة فن تحقيق الممكن
يقولون لنا إن النبى (ص) عقد صلح الحدبية مع كفار قريش ...ولكن هل غفل النبى عن بناء دولته وتسليح بلادته فى أثناء الصلح؟
هل ترك عدوه تقوى شوكته لتصبح بينهما سنين ضوئية من التقدم فى غضون أقل من 35 عامًا؟
هل ترك النبى بلاده مرتعًا ﻷعدائه بغرض السياحة..يسكرون فيها وينشرون الموبقات وحرمها على أصحابه؟
هل ساهم النبى فى حصار بلدة مسلمة ليركع أهلها جزاء على اختيارهم مقاومة الاحتلال؟

ما لكم كيف تحكمون؟ سنين تمر وسنين تذهب
وما زال الدرس قائمًا "أكُلت يوم أكُل الثور الأبيض"
ما زال الدرس قائمًا " لا خيار سوى المقاومة

أترانى اصابتنى الحمى كمرمية...فتداخلت عليا الندوب والأحزان ..لم أعد أدرى أأتحدث عن فلسطين أم عن الأندلس أم عن ماذا
أعذرونى فإن عقلى يكاد يجن عندما أرى أحدهم يقول "سيناء أغلى عندى من فلسطين وما فيها"...ويبدو أنه نسى أن "فلسطين" تحوى المسجد الأقصى ولكن مالنا والأقصى؟ مالنا وغرناطة؟ ما لنا وقرطبة؟ ما لنا والعراق؟ ما لنا وسوريا؟
أجد تصريح ﻷحد المسئولين الاسرائيلين بانه يجب أن تتعاون مصر أمنيًا مع إسرائيل..أقرأ التعليقات فيكاد برج يطير من عقلى..."نعم لابد أن نتعاون معهم ضد الفلسطنيين الخونة"....لماذا لا نعقد  إذن اتفاقية دفاع مصرية أمريكية إسرائيلية مشتركة ضد غزة وفلسطين؟
يعتقدون واهمين أن العدو سيشبع بالثور الأبيض...سيكتفى به ويشكرك على حسن تعاونك معه...نعم سيشكرك قطعًا ولكن بطريقته الخاصة

ما أرخص دمائنا!! يا الله كم تساوى دمعة أم ثكلى  كان تنتظر أن ترى ابنها عريسُا فى الكوشة فإذا به يُزف إلى الحور العين!
يا الله كم تساوى صرخة طفلة تهب من نومها مفزعة من كابوس..تصرخ باسم ابيها فيقولون لها مسافر شفقة عليها
يا الله كم تساوى كسرة قلب عروس كانت تعد لفرحها فتحول العرس لمأتم وأكواب الشربات إلى فنجانين قهوة سادة
كل هذا من أجل ماذا؟
من أجل سرقة مدرعة! أم من أجل  سرقة وطن

ألا لعنة الله على تجار الدم فى كل زمان ومكان
ألا لعنة الله على تجار الدم فى كل زمان ومكان
ألا لعنة الله على تجار الدم فى كل زمان ومكان

دينا سعيد
5-8-2012

Sunday, August 5, 2012

وخُلق الإنسان ضعيفًا

الت لى صديقة كندية غير مسلمة أنها تعتقد أننا نحن المسلمات محظوظات بارتدائنا الحجاب ...نقول لى تعرفى هناك صديقة لى من ايام الطفولة...شعرها يبدو كشلال من الذهب الأصفر يتدلى حتى أسفل ظهرها...كانت تبدو دائمًا فى غاية الجمال بسبب شعرها هذا...عندما وصلت للثلاثين "حلقت" شعرها حلقة أشبه بالأولاد....اتخنقت من كون كل الرجال الذين يقتربون منها ويعجبون بها يفعلون ذلك من أجل جمال شعرها الذى يجذبهم...كانت تريد أن تشعر أن هناك شخصًا
يريدها لنفسها لشخصيتها وليس لجمالها...كانت تقول
I don't want it to be anymore about my hair
لسبب ما فشلت فى الحصول على  الشخص الذى يقدر شخصيتها بعيدًا عن جمالها وهى تريد أن تكون أمًا لذا قررت أن تقوم بعميلة توبيض صناعى لتحصل على أطفال وهى الآن تبحث عن متبرع بنطفته

ابتسمت ابتسامة مجاملة وأنا يدور بخلدى آلاف الشابات المسلمات الاتى يتفنن فى إظهار مفاتن أجسامهن سواء محجبات أم لا...بل أن نسبة كبيرة من المحجبات يظهر جزء من شعورهن من الحجاب (ربما للدالاة على جمال هذه الشعور)...يقلن ربتا مش هيدخلنا النار على شعرتين...ولكن ينسين أن الهدف أصلا من الحجاب هو عدم إبداء الزينة وعدم معرفة نوع الشعر وصفته...والأكثر أثمًا فى نظرى عندما تقوم الفتاة بصبغ هذه الشعيرات التى تظهر من الحجاب  وعملهن بالاستشوار ليعيطن انطباع غير حقيقى عن صفة شعورهن

يقول فاضل سليمان فى حلقة الحجاب
أنه كان بزيارة أسرة أمريكية غير مسلمة فسألته المرأة عن سر تمييز الاسلام للرجل عن المرأة وعدم أمره بتغظيته لشعره كما تغطى المرأة شعرها وبالمصادفة كان زوج هذه المرأة أصلع يشبه بروس ويلز فسألها فاضل أترين زوجك جاذبًا وهو أصلع؟ قالت بالطبع فسأل زوجها هل لو كانت زوجتك صلعاء قبل الزواج  كنت .ستنجذب إليها؟ ! وكانت الإجابة لا.....فقال لهم أن فتنة شعر المرأة ليست كفتنة شعر الرجل
وشرح لهم أن الحجاب ليس تغظية الشعر فقط بل عدم إبراز لمفاتن الجسم كلها

فى ظنى أن الله تعالى لا يريد لنا أن نظل مشغولين بغرائزنا طوال الوقت وأن تكون الفتن محاطة بنا من كل جانب كما نراها الآن...أتذكر مدير لشركة كبيرة كان يحكى أنه مرة أتت لهم مهندسة شابة على قدر كبير من الجمال وكان شعرها يتطاير مثل ممثلات السينما ..كانت المهندسة تحدث المدير وتقول أنها طموحة وتريد أن تتعلم الكثير فى عملها...فقال لها لا تخافى ستتعلمين وتتفوقين  على زملائك الرجال لأنه فى كل اجتماع ستكونين أنت مركزة فى الشغل جدًا وهم مركزين مع شعرك  ت ت

الغريب أن يصل بعض الحكماء من الغرب لنفس ما وصل له الإسلام من نظم اجتماعية وحياتية فى حين أننا نجد معظم المسلمين يضيقون بهذه التعليمات والأوامر ويظنون أنها تحد من حريتهم ...نعم هناك شهوة للمرأة أن تظهر جمالها وفتنتها وأن ترى الإعجاب فى عيون الرجال المحيطيين بها
والقليلات هم من يستطعن كبح هذه الشهوة ويتمثلن ﻷمر لله بالاحتشام عن اقتناع ﻷنهن يصلن لنفس المرحلة التى وصلت إليها هذه المرأة غير المسلمة..
I don't want it to be about my hair

ولكن فى المقابل تجد أن معظم الشباب المسلمين قد فسدت فطرتهم فهم أما دخلوا فى علاقات محرمة قبل الزواج أو شاهدوا بعض الأفلام الجنسية أو على أقل تقدير توقفوا أمام هيفاء وهبى ونانسى عجرم بضع مرات....ومن لم يفعل أى من هذا يشعر أنه يستحق مكافأة على صبره، زوجة باهرة الحسن تعوضه صبر الليالى...وآن له أن يعرف أنها شديدة الجمال وهى ملتزمة؟
إذن فلنتازل عن شرط الالتزام قليلًا أو ربما تقدم لواحدة ملتزمة وطلب منها فى الخطبة أن تريه من جمالها حتى يطمئن قلبه...وربما جاء لها بالفتاوى أنه يجوز كشف المرأة لشعرها وأجزاء من جسمها لمن يتقدم إليها ..وبصرف النظر عن الفتاوى ﻷن هذا الأمر فيه اختلاف، فإن بعض الفتيات لا يعجبهن هذا وتشعرن أنه فيه امتهان شديد لها
أنا أسفة فى الكلمة وكأنها بضاعة ..لو أعجبه شعرها يكمل المشوار وإذا لم يعجبه تركها
It is not about my beauty

دائمًا ما أنظر للإسلام على أنه منظومة كاملة ..ربما لو نظرت ﻷمر واحد فقط لرأيته ظالم وغير منطقى ولكنه نظام شامل كامل...لابد أن تأخذه ككل ..فإذا أردت أن تأمر المرأة بالاحتشام فلابد أن تأمر الشباب بغض البصر عن النساء غير المحتشمات وبذلك لا تفتنهن هولاء النساء ويسعدن بالزواج من الأخيرات...هذا ما فعله الإسلام بالفعل...ولكننا أخذنا بجزء وشددنا عليه وهو التزام المرأة بالحجاب ولكن من جانب آخر قليل جدًا من الآباء والأمهات من يحدث أبناءه الذكور فى مسألة غض البصر بل يقولون ﻷنه ولد يمكنه أن يلعب قليلًا هنا وهناك ...فوصلنا أن الشباب تعود أن يشاهد مفاتن النساء فى الإعلام والشوارع وأصبح يطلق بصره بل يبحث بنفسه عن هذه المفاتن على الانترنت وخلافه...وبذلك لم تعد ترضيه واحدة محتشمة وصار  يشك أن قد يسعد معها بعد الزواج فتضطر الفتاة تحت ضغط المجتمع والناس أن تتساهل قليلًا وتبرز بعض شعرها من الحجاب وتضيق ملابسها حتى تعجب الشباب فيخطوبها وبعد الخطبة تتنازل قليلًا مع خطيبها لتجعله راغبًا فى الاستمرار معها وبعد الزواج  عندما يشبع الزوج من جمال زوجته ويمل منه يبدًا يرجع (إذا كان توقف أصلا) عن مشاهدة الأفلام الجنسية أو على الأقل الفيديو كليبات وكلما ظهرت ممثلة أو مطربة شبه عارية يقارن بينها وبين زوجته وتزداد المشاكل و و و ...وهكذا أصبحنا كالراقصين على السلم: لا مننا طبقنا النظام الإسلامى كامل متكامل كما وضعه الله تعالى ولا مننا عشنا حياتنا كالغرب

يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة النساء
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا
يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا

حقًا ما نظنه نحن تحكم وقيود فى الدين هو تخفيف من الله عز وجل ورحمة بنا نحن الضفعاء ..إنما يتذكر أولو الألباب

دينا سعيد
3-8-2012



Thursday, August 2, 2012

الابتلاء قبل التمكين



ربما توقف الكثيرون منا أمام موقف إلقاء أخوة يوسف له فى البئر...ربما انخلع قلبه من أجل هذه الصغير الذى تعرض للخيانة على يد أقرب الناس له...اخوته يرونه فى البئر ويبتعد عن أبيه الحبيب...وفوق هذا يُباع عبدًا بدراهم معدودة وهو ألكريم ابن الكريم ...ماذا كان شعور يوسف وقتها؟ هل جزع؟ هل بكى؟ وكم تألم؟

ولكن تأتى الحكمة هنا 

"( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"

يوسف أصبح بمثابة الولد لعزيز مصر...يتعلم منه شئون الاقتصاد والإدارة...وبعد سنوات يصبح مكانه ليدير مصر اقتصاديًا فى زمن المجاعة

يوسف كان بحاجة أن يتعلم علمًا ليس موجود عند أبيه سيدنا يعقوب...يوسف كان بحاجة أن يعانى ويتألم ﻷن من قلب الألم تولد الحكمة ..يوسف كان بحاجة أن يبتعد عن أهله المؤمنيين بالله ويسافر مصر قوم غير مؤمنين بالله...يوسف كان بحاجة أن يتعرض لاختبار لإيمانه هل سيترك دينه؟ هل سيرضخ لفتنة نساء مصر وامرأة العزيز؟ ...يوسف كان بحاجة لكورس تدريبى فى بلد فيها فتن ولكن فيها علم ...فى لحظة تكالبت عليه الفتن فدعا ربه بالسجن

"قال السجن أحب إلى مما تدعوننى إليه"

فى هذا الوقت كان يوسف قد أخذ كل العلم الذى يريده له ربه وثبت فى اختبار الفتن، ولكنه كان بحاجة للعزلة...أن يفكر بعيدًا عن الفتن...ثم ينطلق للدعوة
ويتعرض لفتن آخرى: فتنة الملك والتمكين فى الأرض
فتنة شهوة الانتقام من أخوته
فتنة لقاء أبويه وسجود أهله له

فماذا قال؟

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

معظم الطلبة الذين قابلتهم فى الغربة، كانت لهم مهازل مع  جامعتهم فى مصر..استبداد وغباء إدارى وتكبر على خلق الله
معظم أخذ قرار السفر هربًا من المشاكل
والبعض منهم حلف ألا يدرس فى أى جامعة مصرية من كثرة ما قابله
أحيانًا يحتاج الإنسان لقوة خارجية لينفذ قرار صعب مثل السفر للخارج
ربما يريد الله لك أن تتعلم علمًا لم تكن لتجده فى وطنك وأن تختبر فتن لم تكن تتخيل أن تقابلها فى دارك المسلمة

أعرف أناس تركوا عملهم بعد مكيدة من زميل..وأناس تركوا مشرفيهم فى رسالات الماجستير والدكتوراة بعد مشاكل عدة
قرار الرحيل من أى مكان  ألفته صعب للغابة
أنت تخرج بعيدًا عن
Your comfortable zone

أحيانًا تحتاج لقوة خارجية لكى  تتحرك من مكانك
الخيانة صعبة ولكنها لن تكون كخيانة أخوة يوسف له
تنجرح...تبكى...تتوجع
ربما عشت شهورًا بدون مرتب
ولكنك لن تكون كمن قضى أيامًا فى البئر وتم بيعه عبد

ولكن فى معظم الحالات التى أعرفها ..جاء التمكين
الشغل الجديد أو المشرف الجديد أو الجامعة  الجديدة: أفضل بكثير مما لو كان استمر فى مكانه
يقولون "ربنا عوضنى عن التعب اللى شفته"
لماذا لا تفكر أن الله دبر لك هذا منذ البداية؟

اتوقف عند
"وكذلك مكنا ليوسف"
وفى آية آخرى
"كذلك كدنا ليوسف"

اتخيل  لو سألنا سيدنا يوسف بعد أن سجود أهله له هل كنت لتختار ألا يلقى بك أخوتك وتظل مع أبيك فماذا سيقول؟
قطعًا سيقول لو أطلعتم الغيب لاخترتم الواقع
سيقول هوايا مع ما اختاره الله لى

اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير

دينا سعيد
1-8-2012


Wednesday, August 1, 2012

ردًا على خاطرة: أتزوج أجنبية أحسن

كل فترة يفاجأنى بعض الشباب بخاطرة أو بوست عن مزايا الزواج من أجنبية والبعد عن تعقيدات الزواج المصرى من مهر وشبكة ونيش وخلافه...يحسبون أن.الزواج من أجنبية أوفر وبالطبع تحسين سلالة
مش هتناقش فى موضوع تحسين السلالة هذا ﻷنها قضية خسرانة ولكن سأتكلم فى النقطة الآخرى:


-  عندنا فى مصر مشاكل فظيعة فى الإسراف...هناك أشياء يمكن الاستغناء عنها فما الحاجة لغرفة أطفال من قبل الزواج؟..ربما لن ينجب الزوجان ألا بعد أربع أو خمس سنوات؟  ما الحاجة لتيفزيون فى الصالة وتليفزيون فى غرفة النوم؟  وأكثر ما ينرفزنى النيش بكل ما فيه ..أتمنى أن ينتهى تمامًا من ثقافتنا المصرية
ولما نعمل عزومة نجيب أطباق وكوبيات ورق ...ليه اشترى طقم صينى ب5 ولا 7 آلاف جنيه عشان يطلع فى السنة مرة ولا مرتين على الأكثر
و لن أتحدث عن تكاليف الفرح الباهظة ولا عن الفستان الذى يتكلف على الأقل 5 آلاف جنيه ليتم لبسه ليلة واحدة
هذه أشياء تغلغلت فى ثقافتنا وتحتاج اتفاق بين الزوجين وحرب مع الأهالى حتى يقتنعوا أنه من غير المعقول أن يستدين المرء من أجل التظاهر والفشخرة
وإن كان هناك سعة من المال فأولى أن يتم شراء سيارة أو أى شىء نافع بهذه النقود
لكن ما يحدث سفه يجعلنى أظن أننا لسنا أخوان الشياطين بل الشياطين أنفسهم


-ولكن بالنسبة لتكاليف الزواج المصرية: أصدقائى العرب سواء من الشام أو الخليج ليس عندهم أن البنت تساهم فى تكاليف الزواج بأى شىء...يعنى الزوج يجيب البيت ويفرش ويجيب جهاز العروسة ويدفع مهر وشبكة كمان...فى مصر البنت بتساهم تقريبًا بنص المصاريف غير جهازها وهو أمر هى ليست ملكفة به شرعًا فى الغرب أيضًا الزوجةبتساهم بنص  تكاليف الزواج...المشكلة أن الحياة فى الغرب أسهل وأبسط من مصر...وأن مرتبك فى الغرب بسمح بحياة شبه مرفهة غالبًا بسهولة ممكن تأجر شقة أو تأخدها بالقسط من البنك..وبسهولة تلاقى عفش مستعمل جيد جدًا...الحياة سهلة...ومش فارقة من ناحية المصاريف هتتجوز مصرية ولا أجنبية طالما هتعيش بره مصر...رأيى أن الأهالى فى
مصر لازم تتواضع شوية فى مطاليها خاصة إذا كان الشاب فى مقتبل حياته ويبدو ذا خلق ودين


- يعتقد البعض أن المهر تسعيرة وأن الفتاة يرخصها أبواها باشتراط "ثمن معين" لها 
.فلنتذكر عندما أراد سيدنا عمر بن الخطاب خفض مهور السيدات فراجعته امراة بقوله تعالى "وإذا آتيتم أحداهن قنطارًا"...فقال أصابت امرأة وأخطأ عمرو....المهر حق للزوجة فى الإسلام ولكن ما يحدث فى مصر أنها غالبًا بتأخد المهر وتضع عليه ضعفه لتشارك فى إثاث المنزل..وإذا كان والدها ميسور الحال يعطى لها المهر ويدفع من عنده ...وهذا كله ليس فى الشرع...المهر حقها وكل تكاليف الزواج على الرجل....وما يحدث فى مصر تنازل كبير من أهالى
البنات اللى مش عجبنكم دول ولكن لو حاسبنها بالشرع المفروض  أهل الزوجة ميجبوش أى حاجة

- إذن فالمشكلة فى التقاليد التى ربما يعند فيها أهل الزوج وليس أهل الزوجة فقط...تخيلوا عروس لا تريد أن تشترى طقم صينى ولا طقم كريستال ..ماذا سيقول عليها أهل زوجها؟
تخيلوا عروس اكتفت بعدد محدود من البرفانات وأطقم النوم فى جهازها وجاء أهل العريس لزيارتها وحماتها تمصمص شفتاها ..هم دول بس اللى هانوا عليها!! حسرة عليك يا بنى

- طول عمرى بأقول هم مش أهالينا دول خلاص أخدوا فرصتهم فى الحياة وتزوجوا واتمتعوا..ما يسيبوا أولادهم بأه يعيشوا بالطريقة اللى هم عاوزناها
يعنى هى السعادة بالنيش؟

- بالنسبة للزواج من أجنبية هناك حالتان أعرفهما بشكل شبه شخصى: الحالة الأولى الرجل تزوج من كندية ثم توفى بالسرطان بعد الزواج بعدة سنوات..الأم من حقها الحضانة وطبعًا جابت البوى فريند بتاعها على البيت وغيرت أسامى الولاد المسلمة وربنا يستر ويبقوا مسلمين فى يوم من الأيام...الحالة التانية لواحد تزوج من أمريكية أسلمت حديثًا وبعد ما انجبت ابنة ارتدت عن الإسلام وطلبت الطلاق وأخذت نص فلوسه والبنت بحكم القانون وبرضه أبقوا قابلونى...الموضوع مش موضوع مبلغ هتدفعه ساعة الزواج وبنت حلوة شعرها أصفر تتجوزها وتعيش عنتر زمانك...الموضوع أن هتعرفوا تعيشوا سوا مع اختلاف العادات والتقاليد...طيب هتعرف تربى أولادك؟ إذا كان بيبقى الأبوان مسلمان ويجهدوا عشان أولادهم لا تفتنهم الحياة الغربية..أمال لما تكون الأم وخالها وعمها وأخوها وباباها ومامتها كلهم بهذه الثقافة؟ طيب أنت ضامن تعيش؟ لو أنت متزوج من مسلمة ملتزمة ممكن تتطلقوا وممكن تموت لا قدر الله بس فى الحالتين بتكون مطمن على أولادك مع أم مسلمة ...وحتى لو تزوجت بعدك فغالبًا إذا كانت ذات دين ستتزوج من رجل صالح يرعى الله فى أولادك

- على الرغم من أن بعض الناس يرون أن قوانين الزواج والطلاق فى الغرب أفضل من الإسلام وأنه يكفى أن الزوجة تساعد بالنص فى مصاريف الحياة فى الغرب...نعم يبدو الأمر مبهرًا بالنسبة لبعض الرجال ..ولكن المرأة فى الغرب مضطرة أن تعمل لتساهم فى نص مصاريف البيت...وهذا الاضطرار قد يدفعها لقبول أشياء غير صحيحة فى عملها (كتحرش مدير مثلا)...أنا لا أبالغ أعرف حالات هكذا وزوجها يعلم ومطنش ﻷنه يريد أن يستمر مرتبها...
أتذكر مرة كنت أتكلم مع سيدة كندية  فى الخمسين وأقول لها أن المرأة ليست ملزمة بالنفقة فى الإسلام ..فقالت لى تعرفى هذا هو الشىء الوحيد الذى يجعلنى أعمل يا ليت كانت عندنا هذه القاعدة لاستريح من عملى...لا تتخيل أنها زوجتك..تخيل أنها والدتك...تعبت ..تريد أن تستريح من عملها ولا تستطيع ﻷن القانون يلزمها أن تشارك والدك فى نص مصاريف المنزل....الإسلام كرم المرأة بأن جعل دائمًا وأبدًا رجل مسئول عن نفاقتها المادية إن لم يكن والدها فعمها أو أخوها أو زوجها أو بيت مال المسلمين...إذا أرادت أن تعمل فلها ذلك وإذا أرادت أن تترك عملها فلا يجبرها أحد على الاستمرار

- الآية الكريمة تقول "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"
تقدرى الشخصى أن 99% من غير المسلمات فى الغرب غير محصنات...طبعًا مفهوم
أما عن الدين فنسبة كبيرة من الذين يقلن أنهن مسيحيات لا يؤمن حقيقة بوجود أله
يعنى عشان تلاقى واحدة غربية غير مسلمة ومحصنة وتؤمن بإله كأنك تبحث عن إبرة فى كومة قش
هذا بخلاف أن أيام الرسول (ص) كان الأولاد ينتسبون لدين آبائهم فلو تزوج مسلم من أهل الكتاب يكون الأولاد مسلمين...أما الآن فقوانين الغرب تجعل الحضانة للأم حتى وإن تزوجت بآخر..كما انها لا تجبر الأولاد على ديانة معينة...هم أحرار 
  • ناقشتى أحدى غير المسلمات فى كيف تتزوج النساء عندكم شخصًا لم تختبر حياتها الجنسية معه قبل الزواج ..لا استطيع تصور هذا!!  حاولت أن أفهمها أن لو حدث واكتشفت الزوجة أن الزوج عاجز جنسيًا فيمكن فسخ العقد ولو كرهته يمكنها الخلع...ولكنها بدت غير مقتنعة أن تتزوج امرأة بدون أن تجرب زوجها من قبل...شعرت أن فساد الفطرة هو سبب عدم اقتناعها فقد خبرت من قبل عدة رجال وتريد أن تقارن بينما الفتاة عندنا لا تشعر بحاجتها لهذه المقارنة ﻷن ذاكرتها الجنسية بيضاء ستتشكل مع زوجها كما تقول د. هبة قطب،  ما هو بصوا أحنا مش هنأخد حاجة من الغرب وننبهر بيها ونسيب ألف حاجة تانية...من يريد يتزوج أجنبية خاصة غير مسلمة ..لازم يعرف أنها غالبًا مش هتوافق على الزواج من غير ما تختبره أكثر من مرة (وأظن الكلام واضح)...فهل يرضى لدينه هذا؟ وهل تتساوى هذه بمن ستكشف زينتها ﻷول مرة أمامك بعد الزواج!! صدق الله تعالى "وﻷمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"

أرجو ألا يتم أخذ المقالة بدافع التعميم...فهناك أيضًا حالات ناجحة للزواج من أجنبيات ولكنى أردت أن ألفت النظر ﻷشياء ربما كانت غائبة عن أذهان بعض الشباب بسبب بعدهم عن واقع المجتمع الغربى

دينا سعيد
31-7-2012