Search This Blog

Thursday, August 2, 2012

الابتلاء قبل التمكين



ربما توقف الكثيرون منا أمام موقف إلقاء أخوة يوسف له فى البئر...ربما انخلع قلبه من أجل هذه الصغير الذى تعرض للخيانة على يد أقرب الناس له...اخوته يرونه فى البئر ويبتعد عن أبيه الحبيب...وفوق هذا يُباع عبدًا بدراهم معدودة وهو ألكريم ابن الكريم ...ماذا كان شعور يوسف وقتها؟ هل جزع؟ هل بكى؟ وكم تألم؟

ولكن تأتى الحكمة هنا 

"( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"

يوسف أصبح بمثابة الولد لعزيز مصر...يتعلم منه شئون الاقتصاد والإدارة...وبعد سنوات يصبح مكانه ليدير مصر اقتصاديًا فى زمن المجاعة

يوسف كان بحاجة أن يتعلم علمًا ليس موجود عند أبيه سيدنا يعقوب...يوسف كان بحاجة أن يعانى ويتألم ﻷن من قلب الألم تولد الحكمة ..يوسف كان بحاجة أن يبتعد عن أهله المؤمنيين بالله ويسافر مصر قوم غير مؤمنين بالله...يوسف كان بحاجة أن يتعرض لاختبار لإيمانه هل سيترك دينه؟ هل سيرضخ لفتنة نساء مصر وامرأة العزيز؟ ...يوسف كان بحاجة لكورس تدريبى فى بلد فيها فتن ولكن فيها علم ...فى لحظة تكالبت عليه الفتن فدعا ربه بالسجن

"قال السجن أحب إلى مما تدعوننى إليه"

فى هذا الوقت كان يوسف قد أخذ كل العلم الذى يريده له ربه وثبت فى اختبار الفتن، ولكنه كان بحاجة للعزلة...أن يفكر بعيدًا عن الفتن...ثم ينطلق للدعوة
ويتعرض لفتن آخرى: فتنة الملك والتمكين فى الأرض
فتنة شهوة الانتقام من أخوته
فتنة لقاء أبويه وسجود أهله له

فماذا قال؟

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

معظم الطلبة الذين قابلتهم فى الغربة، كانت لهم مهازل مع  جامعتهم فى مصر..استبداد وغباء إدارى وتكبر على خلق الله
معظم أخذ قرار السفر هربًا من المشاكل
والبعض منهم حلف ألا يدرس فى أى جامعة مصرية من كثرة ما قابله
أحيانًا يحتاج الإنسان لقوة خارجية لينفذ قرار صعب مثل السفر للخارج
ربما يريد الله لك أن تتعلم علمًا لم تكن لتجده فى وطنك وأن تختبر فتن لم تكن تتخيل أن تقابلها فى دارك المسلمة

أعرف أناس تركوا عملهم بعد مكيدة من زميل..وأناس تركوا مشرفيهم فى رسالات الماجستير والدكتوراة بعد مشاكل عدة
قرار الرحيل من أى مكان  ألفته صعب للغابة
أنت تخرج بعيدًا عن
Your comfortable zone

أحيانًا تحتاج لقوة خارجية لكى  تتحرك من مكانك
الخيانة صعبة ولكنها لن تكون كخيانة أخوة يوسف له
تنجرح...تبكى...تتوجع
ربما عشت شهورًا بدون مرتب
ولكنك لن تكون كمن قضى أيامًا فى البئر وتم بيعه عبد

ولكن فى معظم الحالات التى أعرفها ..جاء التمكين
الشغل الجديد أو المشرف الجديد أو الجامعة  الجديدة: أفضل بكثير مما لو كان استمر فى مكانه
يقولون "ربنا عوضنى عن التعب اللى شفته"
لماذا لا تفكر أن الله دبر لك هذا منذ البداية؟

اتوقف عند
"وكذلك مكنا ليوسف"
وفى آية آخرى
"كذلك كدنا ليوسف"

اتخيل  لو سألنا سيدنا يوسف بعد أن سجود أهله له هل كنت لتختار ألا يلقى بك أخوتك وتظل مع أبيك فماذا سيقول؟
قطعًا سيقول لو أطلعتم الغيب لاخترتم الواقع
سيقول هوايا مع ما اختاره الله لى

اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير

دينا سعيد
1-8-2012


No comments:

Post a Comment