Search This Blog

Saturday, January 29, 2011

كالجرى تتضامن مع مصر


هل تخيلت من قبل درجة حرارة 15 تحت الصفر؟

هل تخيلت أن تأخذ ولدك وتخرج لتقف فيه فى الثلج لمدة ما يقرب من الساعتين؟

فى هذا الجو القارص قرر حوالى المائتين من سكان مدينة كالجرى أكبر مدن كندا أن يدعموا مصر

كان من الحشد مصريون ومصريون كنديون وعرب وكنديون

كان هناك المسلمون والمسيحيون والملحدون

كل الطوائف خرجت لتتضامن مع الشعب المصرى

وتردد مع المصريين النشيد الوطنى المصرى

"وتقول معهم "الشعب يريد إسقاط النظام

وتقول
"Mubarak we want you out"

سألت إحدى الكنديات لماذا حضرت المظاهرة؟ فقالت لى إنها ذهبت لمصر من قبل وتشعر بما يعانى منه الشعب المصرى
وهى تشعر أنها عليها ككندية أن تدعم هذا الشعب فى معركته نحو الحرية

مجموعة من الشباب الفلسطينى اظهر دعمه الشديد وقال أنه يعتقد أن القضية الفلسطينة من الممكن أن يتم عالجها بشكل أفضل لو رحل مبارك

وكان من العجيب انضمام العديد من المصريين الكنديين إلى المظاهر والشباب المصريين  الذين ولدوا فى كندا ولم يذهبوا إلى مصر سوى مرات معدودة....وكأن حب مصر مزروع تحت جلد أى مصرى مهما بعد واتغرب وتجنس بأى جنسية آخرى؟

المشهد كان أكثر من رائع ولكن الأروع منه من حملوا رؤوسهم فوق أكتافهم ونزلوا لشوارع مصر ليقولوا لا


















Friday, January 28, 2011

تأملات فى خطاب الرئيس


بلغة أهل الكرة..بعد فشل الفريق غيرنا اللاعبين وجارى تغيير الجمهور ولكن يبقى المدرب

اتساءل: هل رأى الرئيس صوره وهى يتم تمزيقها وحرقها فى كل مكان والناس تهلل وتكبر

من الواضح أنها لم تكن فئة قليلة مندسة بهدف الشغب

إنه الشعب يا سيدى..الشعب هو الذى كبر عند تمزيق صورك

صورك أنت لا صور نظيف ولا صور جمال ولا صور أحمد عز

الناس لا تريدك أنت..لا أعلم ماذا يمكن للشعب أن يفعل غير هذا ليوصل رأيه؟

يقول لنا أن هناك من استغل الأحداث للنهب والسرقة..طبيعى أننا مثل أى شعب فينا اللصوص والعصابات ومن المؤكد أنهم سيستغلون انشغال الأمن بقمع المتظاهرين ليسلبوا أكبر قدر ممكن من الأموال...ولكن دعنى أوضح أن أعرف شخصيًا العديد من الناس الذين تمت سرقة شققهم وسيارتهم ولم يتم الوصول للجناة إلى الآن - رغم أن السرقات تمت فى غير وجود أى مظاهرات فى البلد.


فأرجو ألا نتخذ من السرقات والحرائق ذريعة لقتل المتظاهرين الشرفاء خاصة وأن هناك شكوك كثيرة أن أجهزة الأمن هى التى تدبر مثل هذه الحوداث لتشوه الثورة.


يقول لنا السيد الرئيس أن مصر دولة مؤسسات...فأين هى هذه المؤسسات؟

لقد تم غلق كل منفذ للتغيير السلمى...زورت إرادة الشعب بالكامل فى انتخابات مجلس الشعب...تم رفض مطالب الجمعية المصرية للتغيير التى وقع عليها ما يقرب من مليون مواطن

لقد رأيت سيدة بسيطة فى لقاء الجزيرة تقول بالعامية المصرية
"تعبنا من الغلا يا أبلة"

ورأيت كل أصدقائى وأهلى من كل الطبقات يرددون نفس الجملة
"تعبنا من الغلا"

نعم تعبنا من الغلاء...تعبنا من كبت الحرية..تعبنا من دفعنا للواسطة والرشوة لنأخذ حقوقنا
والأكثر تعبنا من الظلم

ما زال دم خالد سعيد لم يبرد...ما زال قتلته لم تمت محاكمتهم محاكمة رادعة
ما زال أهالى شهداء العبارة يبكون الظلم بهروب ممدوج إسماعيل المسئول الأول عن غرق أحبابهم
ما زالت فتيات جامعة الزقازيق يتألمن من الظابط الذى رفع عليهن الكرباج ورفض حتى ان يتم إسعافهن
وما زال وما زال

كلنا رأينا كل هذه الأحداث..رأينا صوت وصورة ..والصورة لا تكذب..هكذا يقولون


ما الفائدة من تغيير الحكومة؟ يمشى زيد ويجىء عبيد
الوجوه تتغير والسياسيات والقوانين وعدم العدالة والفساد كما هو

اتذكر من خطاب مبارك جملة تلميحية عن الثورة التونسية التى قال فيها "لا تكونوا مثل بقية الشعوب التى لم تنل إلى الآن لا الديمقراطية ولا الاستقرار"؟؟

إن هذا هو منتهى عدم الاحترام لثورة تونس التى لم يمض عليها أكثر من شهر..كيف نقيمها الآن ونحكم عليها؟
 إذا كان يريد أن يضرب مثلا فليضرب مثلا بالثورة الفرنسية
وما فعلته فى فرنسا

ثم هل هذا إعترافا أنه كان لدينا استقرار ولم يكن لدينا ديمقراطية...أين إذن الكلام عن أزهى عصور الديمقراطية التى نعيشها فى عهدك؟

ثم ما معنى جملة "إهذه التظاهرات ما كان لها أن تتم لولا مساحة حرية التعبير التي أتيحت؟

أقول لك شيئًا: إنه لولا مساحة التعبير- التى هى حقنا وليست تفضل من أحد - لولا هذه المساحة لقامت الثورة منذ أمد بعيد...ولكن هذه المساحة جعلت إلى حد ما البعض يتوهم أنه يستطيع التغيير بالكلمة...حتى اقتنع بعد 30 سنة أنه لا فائدة من الكلام وأنه آن أوان الفعل


ملحوظة: لم أسمع فى بيان سيادتكم أى نية لإخراج مصر من العصر الحجرى وعودة الاتصالات والانترنت..مما يعنى أننا دخلنا التاريخ كأول بلد يتم حجبها عن العالم
والأهم أننا لم نسمع نية بتغيير الدستور أو لعدم ترشحكم مرة آخرى للرئاسة..لم نسمع أى شىء يبشر بأى أمل فى أى تغيير.
وحتى اسم رئيس وزراء محبوب يعتقد الناس أنه وجه صالح ومحبوب

كلمة أخيرة: أرجو ألا يكون رئيس الوزراء الجديد هو جمال مبارك
 وسواء كان هو أم غيره ففى كل الأحوال الشعب المصرى يهتف


"الشعب يريد إسقاط النظام"
"الشعب يريد إسقاط النظام"
"الشعب يريد إسقاط النظام"


دينا سعيد
28-1-2001

Wednesday, January 26, 2011

قصة شبه حقيقة


بقلم دينا سعيد - 26 يناير 2011

"ربنا معاكم يا حبيبى"
قالتها له زوجته وهو يستعد لمغاردة المنزل بهندامه العسكرى  ليبدأ يوم آخر من العمل الشاق
أجابها
"ربنا ينتقم من العيال دول ...شوية عيال....هيودوا البلد فى داهية"
تجاوز بوابة المنزل وكالعادة وقف له البواب احترامًا قائلًا
"صباح الخير يا باشا ...ربنا ينصركم على ولاد الهرمة دول
ابتسم دون أن يعلق وركب سيارته وفى الطريق دار أمامه شريط حياته

كان من المتفوقين فى الثانوية العامة ولكنه فضل دخول كلية الشرطة ليحقق حلم الطفولة أن يصبح ظابطًا
تذكر كيف أثرت فيه روايات رجل مستحيل - أدهم صبرى- التى قرأها تقريبًا كل أبناء جيله
هذا البطل العربى المغوار الذى كان يدافع عن حمى مصر  والعالم العربى
لطالما حارب الصهاينة والمافيا وتجار المخدرات والماس والسلاح 
كان يتمنى أن يصبح مثله يومًا أو ربما قريب الشبه منه
لذا اهتم منذ صغره بالأكل الصحى والمواظبة على التمرينات الرياضية
تعلم شتى رياضات الدفاع عن النفس قبل أن يدخل كلية الشرطة
ثم تحقق الحلم وجاء من مدينته الصغيرة ليدخل كلية الشرطة فى قاهرة المعز

فى البداية لم يفهم لماذا يصر أساتذته فى الكلية على فكرة هيبة ظابط الشرطة
وعاهد نفسه أن يكون كما هو فى وسط أصدقائه وعائلته لن يعاملهم على أنه شخص من كوكب آخر
لذا بادر بزيارة زملائه فى الحرم الجامعى فى أول أجازة وهناك وجد الكل يناديه ب"يا باشا
تضايق قليلًا ثم اعتاد الأمر كل من يعرفهم ما عدا والديه يقولون له "طارق باشا" وهو لم يمض على دخوله الكلية أكثر من شهرين
ولم يكن هذا التغير الوحيد: فقد كانت البنات يعاملونه بشكل مختلف
كلهن يسعن وراءه ...بما فيهم ابنه عمه التى كان يحاول التودد إليها وكانت دائمًا تصده
والمدهش أن كان منهن بنات عائلات غنية جدًا لم يكن يومًا يحلم أن يسلم على واحدة فيهن
وكان بعضهن على استعداد لتقديم أى نوع من التنازل
استهواه الأمر ..دخل فى عدة علاقات بعضها مشروع وبعضها غير مشروع
كانت كل صديقة من صديقاته تتباهي أنها مصاحبة طالب فى كلية الشرطة
يبدو أن للبدلة رونق لم يكن يعلمه

ولكن بعد فترة ملهن جميعًا وقرر قطع علاقاته النسائية ليتفرغ لمستقبله
وخاصة عندما قابل ابنة أحد أكبر رجال الأعمال والسلطة فى مصر
تخرج من الكلية وكان من العشر الأوائل فى دفعته
مما رشحه للعمل فى أمن الدولة
وعندها بدأ فصل آخر من حياته

كان العمل شاق لدرجة قاسية...مظاهرات وتقارير أمنية طوال الوقت
وكذلك زادت أعباؤه الأسرية لحد كبير
أهله وأهل زوجته  وأصدقاؤه وأصدقاء زوجته وجيرانه وحتى جيران أصدقاؤه...
باختصار كل من يعرفه أو يعرف أحد يعرفه
الكل يطلب منه خدمات ووساطات
كان يبدو مثل كبير العائلة الذى يلجأ إليه الجميع
وكان يساعدهم بلا تردد
ولكن أخلاقه كانت تأبى أن يتوسط لأحد ليحصل على حق ليس حقه

ولكنه كان فقط يساعدهم على نيل حقوقهم
كانت هناك أشياء لا يستطيع أن يقول لها لا
مثل أخت صديقته التى صدمت أحد الأشخاص بسيارتها بدون قصد
كان لابد أن يتدخل ليتم خروجها من النيابة على الأقل بضمان
أنها بنت رقيقة للغاية وسوف تصاب بانهيار عصبى لو تم بهتدلتها فى القسم
كيف يستطيع ألا يساعدها؟
أيضًا أخيه الذى عاد من الخارج بهدايا له ولأسرته
لو لم يتدخل لدى الجمارك سوف يغرمونه الكثير من الأموال
وهذه أشياء للاستعمال الشخصى...ولكنهم لا يفهمون إلا بالواسطة أو الرشوة

وهكذا كل يوم تليفون "طارق باشا الحق ابنى الشرطة ماسكاه تحرى"
"طارق باشا الحق معرفش مين حصل له إيه"
وكأنه تحول لوزارة للشئون الاجتماعية

ولكن فى المقابل كان يحصل على حب واحترام الجميع
كانت الهدايا تتدفق عليه وعلى زوجته وابنته فى كل مناسبة وأحيانًا بلا مناسبة

وفجأة فرمل السيارة...
أيكونون يشترون خدماته بهذه الهدايا؟
لااااااااااا هو ليس مرتشى ولن يكون أبدًا

ثم خطرت بباله خاطرة
أنه منذ دخوله كلية الشرطة إلى الآن لم تقم مشاجرة واحدة بينه وبين أى من أصحابه الغير ظباط
أيكونون يرهبونه لهذا الحد؟
أيكون كل هذا الحب والاحترام زيف؟
فقط من أجل مصالحهم

كم ود لو كان هناك فى مصر نظام حكومى محترم
ليعطى كل ذى حق حقه
عندها لن يلجأ إليه أحد ولن يضطر أن يتوسط لهذا أو ذاك
عندها ربما عامله الناس على أنه طارق
وليس طارق باشا
كم يكره هذا اللقب الذى التصق باسمه
لماذا لا يكون طارق فقط؟
لماذا لا يتودد إليه ألا من يحبه هو فقط لنفسه؟

قطع حبل أفكاره رنين هاتفه الخلوى
وجد أحد زملائه يصرخ
"أنت فين يا طارق؟
الناس لا تتطالب بزيادة الأجور أو تخفيض الأسعار كما اعتقدنا
المظاهرات ولعت يا باشا والناس تقول 
الشعب يريد أن يسقط النظام"

لمعت عينه وقاد السيارة بأقصى سرعة
حتى وصل إلى ميدان التحرير
هرول إليه زملاؤه ينقلون له الأخبار 
ولكنه لم يستمع لأى منهم
كان هتاف الجماهير الغفيرة يصم أذنيه

"الشعب يريد إسقاط النظام
"الشعب يريد إسقاط النظام
"الشعب يريد إسقاط النظام

لم يكن الأمر يحتاج لتفكير...فى هدوء نزع الشارة العسكرية على كتفى بذلته العسكرية

وانضم للجماهير 
صفق الناس وهللوا وقالوا الله أكبر
ثم حملوه على الأعناق ليهتف معهم

"الشعب يريد إسقاط النظام

 وللعجب فقد رأى عندها صورة أدهم صبرى فى السماء يبتسم ويرفع له يديه بعلامة النصر

Tuesday, January 25, 2011

حوار مع صديقى الغير ثورى






ببقلم دينا سعيد - 25 يناير 2011


- ماذا تريد هذه الثورة؟
الشعب يريد إسقاط النظام

- ولكن الثورة ليس لها قائد
هذا ما يميزها..لو كان هناك قائد لتم استمالته أو قتله ودحض الثورة

- إذن فمن يوجه الناس؟
لا يوجد أحد محدد ولكن من الواضح أن الناس لديها وعى لمن تسمع ولمن لا تسمع

- إذن فرضًا أنه نجحت الثورة...ماذا يحدث بعدها؟
تكوين حكومة انتقالية من شخصيات مشهود بنزاهتها ثم عمل انتخابات حرة

- إذن فمن سيحكم مصر؟
من تختاره الأغلبية....قد يكون هناك الكثيرون يصلحون ولكننا لا نعرفهم لأن
النظام القمعى نجح فى إسكات أصواتهم

- هل من المحتمل أن يحكم الأخوان المسلمين؟
من المحتمل أن يحكم أى شخص تختاره الأغلبية...كلٌ سيقدم برنامجه الانتخابى والناس لها حرية الاختيار

- ماذا لو فشل الحاكم الجديد فى إدارة دفة الأمور؟
هل هذا السؤال يعنى نجاح الحاكم الحالى؟

- لا ولكن النظام الحالى يحافظ على أمن واستقرار البلد
من المؤكد أنه فى عهد النظام الحالى لم ندخل فى حروب مباشرة...ولكننا تم احتلالنا بلا حروب
فنحن نمد إسرائيل بالغاز الطبيعى ونحميهم من خطر الفلسطنين الوحشيين
وكأننا حلفاؤهم وأصدقاؤهم
وفى المقابل هم يغرقون بلادنا بالحشيش والمخدرات والجنس والفتن الطائفية وكأننا أعداؤهم
ألا تتفق معى أنه لو كانت إسرائيل التى تحكمنا لما اختلف الأمر كثيرًا ولربما كان أفضل؟

- .. ولكن أمريكا تدعم النظام فى مصر
لأنه يحمى إسرائيل

- والنظام يحمينا من خطر الأخوان
لنفترض أن الأخوان فعلًا على ضلال وأنهم سيسعون فى الأرض فسادًا لو وصلوا للحكم
ألا يعنى خنوعنا للنظام الحالى لمجرد أنه يحمينا من هذا الخطر ..أننا نفعل مثل أبناء الحارة المصرية القديمة
الذين كانوا يسلمون أموالهم وأنفسهم لفتوة الحارة ليحميهم من بطش اللصوص؟

- لم تجاوبى على سؤالى ماذا لو فشل الحاكم الجديد فى إدارة دفة الأمور؟
سيقوم الشعب باختيار حاكم آخر فى أول انتخابات رئاسية جديدة


- هل هناك فعلًا فائدة مما يحدث؟
ربما

- وإذا لم يكن هناك فائدة..فما الداع؟
عندما تزوجت أو سافرت أو أخذت أى قرار مهم فى حياتك...ألم يكن هناك نسبة مخاطرة؟
ولكنك توكلت على الله وأقدمت على ما تعتقد أنه صحيح....لماذا؟
لكنك تعلم "أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا" وأنه حتى لو يثمر الأمر فثوابك عند الله

- ولكنى أخاطر بوظيفتى ومستقبلى؟
سأسألك أنا سؤال ..هل أنت فعلا مطمئن على مستقبلك فى ظل النظام الحالى؟
إذا كانت الإجابة بلا....فهناك احتمالين
1) أن تنجح الثورة وعندها سيكون لك مستقبل أفضل فى بلد أفضل
2) أن تفشل- لا قدر الله- وعندها سيبقى الحال على ما هو عليه
ملحوظة: المستقبل بيد الله وقد أموت الآن وأنت تقرأ هذه المقالة على سريرى

- .دعنا من المستقبل..إنى أخاطر بحياتى
نعم....وإذا مت ستموت شهيدًا
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون"
وهل هناك أفضل من هذه نهاية لحياتنا؟

- قد استطيع أن أخاطر بنفسى ولكنى لن أخاطر بعائلتى
لو ماتوا سيكونون شهداء أيضًا
وأما أن تتقابلوا سويًا فى الجنة أو تعيشوا سويًا فى وطن حر




- سانتظر إذن حتى تستقر الأحداث ويظهر سقوط النظام ثم أخرج للثورة
"لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل"
كلما كنت مبادرًا كلما كان الثواب أكبر
وإذا فعل كل الناس مثلك  فلن تحدث ثورة


دعنى اخبرك بشىء واحد لتتذكره دائما

"
قال تعالى 
" قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين"


Wednesday, January 5, 2011

وهل تنفع المسكنات فى علاج السرطان يا دولة المسكنات؟

ارتفع صوت المدرس فى الإذاعة المدرسية للمدرسة المجاورة لنا ليهتف "يا أولاد كلنا أخوة مسيحيين ومسلمين" قولوا معى "عاش  الهلال مع الصليب" ليردد الأولاد "عاش الهلال مع الصليب". تمللت فى فراشى وتذكرت أنى قرأت أن وزير التعليم أحمد زكى بدر أصدر أوامر لكافة المدراس بالحديث عن الأزمة. وبالطبع لا أعرف فحوى الأوامر وقد تصورت وقتها أن المدرسين سيجلسون مع الأولاد كما نرى فى الدول المتقدمة ويجيبوا على تساؤلتهم ويقدمون الدعم النفسى لمن يشعر منهم بالهلع أو عدم الأمان. ولكن كل تصوراتى ضاعت هباء فمن الواضح أن الأوامر تقضى بتحفيظ الأولاد كلمتين فى طابور المدرسة على أساس أن أحنا طول عمرنا شعب حافظ مش فاهم.

طار النوم من عينى وأنا أتذكر سنوات أختى -ذات العشر سنوات- الأولى فى المدرسة. تذكرت أنها كانت تقول لى أن أصحابها يقولون لها أن المسيحيين لا يحبون سيدنا محمد وأنهم كفرة ولذلك لا يجب اللعب معهم..حاولت أن أفهمها أنهم لهم دينهم ونحن لنا ديننا وأن المفروض أن كلنا نلعب مع بعض ونساعد بعض ونخاف على بعض لأننا فى الآخر كلنا أخوات..ولكنها قالت لى أنها لن تترك أصحابها لتلعب معهم لوحدها ثم إنهم أيضا لا يلعبون معهم...عبثًا حاولت أقنعها ولكنها شعرت بالضعف أن تأخذ موقف مغايرًا للكل.. الآن ألوم نفسى لأنى لم أتجه للمدرسة وأحاول أن أفهم المدرسين أن يدمجوا الأولاد مع بعض...ألوم نفسى لأنى لم ألتق ببقية أولياء الأمور وأقول لهم حرام عليكم الكراهية التى تزعرونها فى نفوس أولادكم......ولكن لو كنت تكلمت هل كان سيستمع إلى أحد؟ وهل كلمتين تسمعهم أختى فى الطابور سيجعلوها هى وأصحابها يجرون فى الفسحة ويأخذون أصحابهم المسيحيين بالحضن كما يحدث فى الأفلام العربى على أساس أنهم اكتشفوا أنهم أخوة أخيرًا بمرسوم من الوزراة

لقد دأبت دولتنا المعظمة على التعامل مع ملف الفتنة الطائفية على أنه مجرد حوادث فردية..معتقدين أن دفن الرأس فى الرمال هو الذى سيحل المشكلة....والآن وبعد أن اتضح للكل أن المشكلة ليست فى الانفجار ولا فى الأرواح التى ماتت...وأن هناك كم غير طبيعى من الحنق والنيران التى تختفى تحت الرماد..ورغم ذلك ما زلنا نتعامل بمنطق المسكنات..قولوا يعيش الهلال مع الصليب ...أغانى وبرامج وكلام فى كلام فى كلام..أين كنتم من قبل والفتنة يتم زرعها من خلال مشايخ وقساوسة التطرف والفتنة؟ أين كنتم من قبل فى كل الحوادث التى حدثت وما زالت تحدث؟ لماذا فى معظم بلاد العالم من السهل على المرء أن يترك دينه وينضم لديانة آخرى ولكن فى بلادنا مصيبة سوداء تستدعى تدخل أمن الدولة حتى بدل أن يكحلها يعميها؟  
ما اللى عاوز بسلم يسلم واللى عاوز يتنصر يتنصر واللى عاوز يكفر يكفر..لا الإسلام هينقص فى شىء بخروج أحد أتباعه ولا المسيحية هتنقص فى شىء بإسلام أحدهم

أين كان شيوخنا والدعاوى تنتشر على الفضائيات بوجوب مقاطعة المسيحيين اقتصاديا حتى لا تقوى شوكتهم؟ لماذا لم يرد أحد على هولاء؟ أم حسبتم أنكم بعدم ردكم تؤدون هذه الدعاوى؟ لا يا سادة الناس تقرأ على الأنترنت الآن كل شىء...جمعينا قرأ وشاهد وسمع مسيحيين قبل مسلميين...سأقول لكم حادثة حدثت بالفعل: هناك شركة موبايل جديدة فى كندا مشارك فيها ساويروس وفى يوم وجدت إيميل على مجموعة المصريين فى كالجرى يحذرنا من الاشتراك فى هذه الشركة لأن ساويرس يتبرع بجزء من أمواله للكنسية المصرية...وطبعا نال هذا الأخ منى ما ناله لأنه تجاهل أولًا وجود مسيحيين معنا وليس من باب اللياقة ولا الذوق قول هذا أمامهم ولكننا دأبنا على تجاهلهم وكأنهم غير موجودين....وثانيا لأنه بفرض أن مبدأ المفاطعة صحيح فهل أصحاب بقية شركات الموبايل فى كندا مسلمين مثلا وكانوا يصلون معه التراويح؟..ثالثُا وهو الأهم أن كل انسان حر فى أمواله نحن ندفع أمولًا مقابل خدمة محددة..صاحب المال له مطلق الحرية فيها...رابعُا لو طبقنا مبدأ المعاملة بالمثل فسيكون علينا جميعًا مغادرة كندا التى تعطينا منحُا تعليمية وتأمينًا صحيًا رغم أننا نتبرع للمساجد والمنظمات الإسلامية..فكيف نرضى لغيرنا ما لا نرضاه لأنفسنا؟ لماذا نصر على وضع غيرنا فى مرتبة أقل مننا ؟

حادثة الموبايل تلك مجرد حادثة من حوادث عدة أبطالها أشخاص معظمهم على قدر من العلم والثقافة والتدين والتفقه فى الدين..حتى وصل الأمر بأحد الأستاذة الجامعيين أن يحاول أن يقنع صديقتى المعيدة أن تعطى درجات قليلة لأحد الطلبة المسيحيين المتفوقين حتى لا يصبح معيد وتأثم هى بذلك..هل ما أقوله يشعل الفتنة؟ لا اعتقد لأن كل الناس تعلم هذا وغيره كما أن هناك حوادث تعصب أيضا من الطرف الآخر وهناك حوادث تعصب أيضا فى كندا وأمريكا وأورويا ليس ضد المسلمين فقط ولكن ربما ضد أى شخص لا ينتمى للجنس السامى القوقازى...ولكن فى المجتمعات المتقدمة لا يدفنون روؤسهم فى الرمال...لأن هناك قنوات شرعية يمكن للناس أن تشتكى فيها وتأخذ حقها تالت ومتلت...ولكن نحن نتكتم على حوادث التمييز العنصرى كما نتكتم على حوادث التحرش..مع أن الحل أن نتكلم ونشتكى المخطى حتى لا يتمادى فى خطأه وتستمر الدائرة المغلقة للأبد...

نفسى أفهم لماذا تصر حكومتنا على التكتيم على الأحداث ظنًا منهم أن الناس لن تعرف..ما زلنا نعيش بفكر سنة 60..ما زلنا نعتقد أن ضرب المنظاهرين بالشوم هو أفضل سبيل لتأدبيهم...ولم نكتشف بعد أن أى عيل فى مصر يمتلك موبايل بكاميرا وفيس بوك أكاونت ومن الممكن أن يصور كل ما يحدث ليهيج الآف...اسمحوا للمظاهرات بالخروج ونبهوا على القائمين بعدم التطاول واحترام القيم الاجتماعية والأخلاقية ....وإذا خالفوها...اقبضوا عليهم بتهمة ازدراء الأديان أو خدش الحياء العام أو أى تهمة آخرى كما يحدث فى أى دولة متقدمة...والله لقد خرجت فى مظاهرات فى كندا تهتف لفلسطين وتندد لجرائم إسرائيل وكان البوليس يحمينا لأننا لم نتطاول ولم نشتم ولم نسب...فمن معه الحق لا يحتاج للسباب...علموا الناس يتظاهروا صح وبعدين حاسبوهم بالقانون بدل الضرب عمال على بطال..اشعر أن أمن الدولة فى بلادنا حافظ مش فاهم ولو قامت مظاهرة تهتف بحياة الرئيس مبارك هيضربوهم برضه بالشوم...افهموا بلاش احفظوا..الشوم مجرد مسكنات..المظاهرة ممكن تنفض لكن النفوس سيسكنها الغضب للأبد.

ومن المظاهرات إلى الإعلام...قنوات لا تنتهى للدراما والمسلسلات 24 ساعة أفلام ومسلسلات....ما كل هذا؟ مسكنات حتى ينشغل الناس فلا يجدون وقتًا للفراءة ولا التفكر والأهم ألا يجدوا وقتًا للسياسة...والآن ستنتجون أفلامًا عن الوحدة الوطنية وتلاحم عنصرى الأمة وملاك جار محمود وأم جورج جارة أم محمد...هل الحل فى بيان حالة الحب والوئام وكأن شيئًا لم يكن؟ أم الحل فى ابراز المشاكل وبيان خطرها وسبل حلها....النماذج السيئة لابد أن تظهر كما تظهر النماذج الصالحة لأن هذا ما يراه الناس فى الشارع....اشمعنى يعنى مسموح الممثلين يسكروا ويحششوا ويبوسوا بعض أمام الشاشة من باب أن السينما تقدم الواقع ولكن المشاكل الحقيقة التى يعانى منها المجتمع غير مسموح لها بالظهور من باب وأد الفتنة

صدقونى الحل ليس فى الشوم ولا فى ترديد الشعارات والأغانى ولا قص الحكايات عن مدرسة الراهبات التى كنت أدرس فيها وجارتنا أم جورج وليس الحل أيضا فى تجنب قراءة أيات معينة فى القرآن فى المساجد ولا قطع أحاديث الشيخ فلان أو علان وقصها ولزقها ..افهموا كل هذا مجرد مسكنات...الآن نحن فى عصر المعلومات فيه متاحة للجميع...والله لقد رأيت فيدويهات لمعلم بن لادن - شوف من كام سنة الفيديو ده - رأيته على صفحات أحد الأخوة المسيحيين يدعو فيه هذا المربى الفاضل إلى الإرهاب والعنف على أساس أننا دين الإرهاب بنص آية "ترهبون به عدو الله وعدوكم" على غرار إرهابى وافتخر...وهناك غيره الكثيرون أليس كذلك؟ لمصلحة من يتم نشر هذه الفيدوهات الآن على الانترنت...لا أعلم ولكننا نحتاج أن نرد على هولاء بالحجة والدليل والمنطق...من فضلكم كفاية دفن روؤس فى الرمال..الحل سيأخذ سنوات لتربية جيل قادر على التفكير والتمييز بين الرأى الخطأ والرأى الصواب...جيل بوصلته المنهج الإسلامى المعتدل...هذا الجيل سيعرف كيف يرد على فتوى هذا أو ذاك ...هذا الجيل سيعلم غيره الإسلام المعتدل الذى لا غلو فيه ولا تفريط.. سيعرف متى يتظاهر وكيف يتظاهر..وسيقدم إعلامُا مختلفًا عن بحبها وبتحب صاحبى وصاحبتها بتحبنى...من فضلكم درسوا للكبار قبل الأطفال الإسلام الصحيح وبالذات الآيات التى تتحدث عن المسيحية...لأنهم سيقرأونها سواء درستموها لهم أم لا...فقوموا بتدرسيها وشرحها بدلًا من أن يفسرها كل إنسان على هواه....ودرسوا للمسيحيين أيضا الدين الإسلامى من باب أن يعلموا الدين الذى تدين به الأغلبية التى تعيش معهم فى بلد واحد...وبدارستهم للدين الإسلامى لن ينجح فيديو أهوج أن يقنعهم أن الإسلام دين إرهاب وعنف...وفى المقابل درسوا أيضا للمسلمين الدين المسيحى من باب العلم بالشىء ورؤية المشترك بيينا...أعلم أن مجتمعنا لم ينضج بعد بالقدر الكافى لكل هذا ...ولكنها خطوات عاى الطريق...إن الحل الجذرى فى التعليم والإعلام  وهذا الحل سيحتاج سنوات وسنوات ولكن لنبدأ الآن...وأرحمونا بأه وكفاية مسكنات

دينا سعيد 
5-1-2011