Search This Blog

Wednesday, January 5, 2011

وهل تنفع المسكنات فى علاج السرطان يا دولة المسكنات؟

ارتفع صوت المدرس فى الإذاعة المدرسية للمدرسة المجاورة لنا ليهتف "يا أولاد كلنا أخوة مسيحيين ومسلمين" قولوا معى "عاش  الهلال مع الصليب" ليردد الأولاد "عاش الهلال مع الصليب". تمللت فى فراشى وتذكرت أنى قرأت أن وزير التعليم أحمد زكى بدر أصدر أوامر لكافة المدراس بالحديث عن الأزمة. وبالطبع لا أعرف فحوى الأوامر وقد تصورت وقتها أن المدرسين سيجلسون مع الأولاد كما نرى فى الدول المتقدمة ويجيبوا على تساؤلتهم ويقدمون الدعم النفسى لمن يشعر منهم بالهلع أو عدم الأمان. ولكن كل تصوراتى ضاعت هباء فمن الواضح أن الأوامر تقضى بتحفيظ الأولاد كلمتين فى طابور المدرسة على أساس أن أحنا طول عمرنا شعب حافظ مش فاهم.

طار النوم من عينى وأنا أتذكر سنوات أختى -ذات العشر سنوات- الأولى فى المدرسة. تذكرت أنها كانت تقول لى أن أصحابها يقولون لها أن المسيحيين لا يحبون سيدنا محمد وأنهم كفرة ولذلك لا يجب اللعب معهم..حاولت أن أفهمها أنهم لهم دينهم ونحن لنا ديننا وأن المفروض أن كلنا نلعب مع بعض ونساعد بعض ونخاف على بعض لأننا فى الآخر كلنا أخوات..ولكنها قالت لى أنها لن تترك أصحابها لتلعب معهم لوحدها ثم إنهم أيضا لا يلعبون معهم...عبثًا حاولت أقنعها ولكنها شعرت بالضعف أن تأخذ موقف مغايرًا للكل.. الآن ألوم نفسى لأنى لم أتجه للمدرسة وأحاول أن أفهم المدرسين أن يدمجوا الأولاد مع بعض...ألوم نفسى لأنى لم ألتق ببقية أولياء الأمور وأقول لهم حرام عليكم الكراهية التى تزعرونها فى نفوس أولادكم......ولكن لو كنت تكلمت هل كان سيستمع إلى أحد؟ وهل كلمتين تسمعهم أختى فى الطابور سيجعلوها هى وأصحابها يجرون فى الفسحة ويأخذون أصحابهم المسيحيين بالحضن كما يحدث فى الأفلام العربى على أساس أنهم اكتشفوا أنهم أخوة أخيرًا بمرسوم من الوزراة

لقد دأبت دولتنا المعظمة على التعامل مع ملف الفتنة الطائفية على أنه مجرد حوادث فردية..معتقدين أن دفن الرأس فى الرمال هو الذى سيحل المشكلة....والآن وبعد أن اتضح للكل أن المشكلة ليست فى الانفجار ولا فى الأرواح التى ماتت...وأن هناك كم غير طبيعى من الحنق والنيران التى تختفى تحت الرماد..ورغم ذلك ما زلنا نتعامل بمنطق المسكنات..قولوا يعيش الهلال مع الصليب ...أغانى وبرامج وكلام فى كلام فى كلام..أين كنتم من قبل والفتنة يتم زرعها من خلال مشايخ وقساوسة التطرف والفتنة؟ أين كنتم من قبل فى كل الحوادث التى حدثت وما زالت تحدث؟ لماذا فى معظم بلاد العالم من السهل على المرء أن يترك دينه وينضم لديانة آخرى ولكن فى بلادنا مصيبة سوداء تستدعى تدخل أمن الدولة حتى بدل أن يكحلها يعميها؟  
ما اللى عاوز بسلم يسلم واللى عاوز يتنصر يتنصر واللى عاوز يكفر يكفر..لا الإسلام هينقص فى شىء بخروج أحد أتباعه ولا المسيحية هتنقص فى شىء بإسلام أحدهم

أين كان شيوخنا والدعاوى تنتشر على الفضائيات بوجوب مقاطعة المسيحيين اقتصاديا حتى لا تقوى شوكتهم؟ لماذا لم يرد أحد على هولاء؟ أم حسبتم أنكم بعدم ردكم تؤدون هذه الدعاوى؟ لا يا سادة الناس تقرأ على الأنترنت الآن كل شىء...جمعينا قرأ وشاهد وسمع مسيحيين قبل مسلميين...سأقول لكم حادثة حدثت بالفعل: هناك شركة موبايل جديدة فى كندا مشارك فيها ساويروس وفى يوم وجدت إيميل على مجموعة المصريين فى كالجرى يحذرنا من الاشتراك فى هذه الشركة لأن ساويرس يتبرع بجزء من أمواله للكنسية المصرية...وطبعا نال هذا الأخ منى ما ناله لأنه تجاهل أولًا وجود مسيحيين معنا وليس من باب اللياقة ولا الذوق قول هذا أمامهم ولكننا دأبنا على تجاهلهم وكأنهم غير موجودين....وثانيا لأنه بفرض أن مبدأ المفاطعة صحيح فهل أصحاب بقية شركات الموبايل فى كندا مسلمين مثلا وكانوا يصلون معه التراويح؟..ثالثُا وهو الأهم أن كل انسان حر فى أمواله نحن ندفع أمولًا مقابل خدمة محددة..صاحب المال له مطلق الحرية فيها...رابعُا لو طبقنا مبدأ المعاملة بالمثل فسيكون علينا جميعًا مغادرة كندا التى تعطينا منحُا تعليمية وتأمينًا صحيًا رغم أننا نتبرع للمساجد والمنظمات الإسلامية..فكيف نرضى لغيرنا ما لا نرضاه لأنفسنا؟ لماذا نصر على وضع غيرنا فى مرتبة أقل مننا ؟

حادثة الموبايل تلك مجرد حادثة من حوادث عدة أبطالها أشخاص معظمهم على قدر من العلم والثقافة والتدين والتفقه فى الدين..حتى وصل الأمر بأحد الأستاذة الجامعيين أن يحاول أن يقنع صديقتى المعيدة أن تعطى درجات قليلة لأحد الطلبة المسيحيين المتفوقين حتى لا يصبح معيد وتأثم هى بذلك..هل ما أقوله يشعل الفتنة؟ لا اعتقد لأن كل الناس تعلم هذا وغيره كما أن هناك حوادث تعصب أيضا من الطرف الآخر وهناك حوادث تعصب أيضا فى كندا وأمريكا وأورويا ليس ضد المسلمين فقط ولكن ربما ضد أى شخص لا ينتمى للجنس السامى القوقازى...ولكن فى المجتمعات المتقدمة لا يدفنون روؤسهم فى الرمال...لأن هناك قنوات شرعية يمكن للناس أن تشتكى فيها وتأخذ حقها تالت ومتلت...ولكن نحن نتكتم على حوادث التمييز العنصرى كما نتكتم على حوادث التحرش..مع أن الحل أن نتكلم ونشتكى المخطى حتى لا يتمادى فى خطأه وتستمر الدائرة المغلقة للأبد...

نفسى أفهم لماذا تصر حكومتنا على التكتيم على الأحداث ظنًا منهم أن الناس لن تعرف..ما زلنا نعيش بفكر سنة 60..ما زلنا نعتقد أن ضرب المنظاهرين بالشوم هو أفضل سبيل لتأدبيهم...ولم نكتشف بعد أن أى عيل فى مصر يمتلك موبايل بكاميرا وفيس بوك أكاونت ومن الممكن أن يصور كل ما يحدث ليهيج الآف...اسمحوا للمظاهرات بالخروج ونبهوا على القائمين بعدم التطاول واحترام القيم الاجتماعية والأخلاقية ....وإذا خالفوها...اقبضوا عليهم بتهمة ازدراء الأديان أو خدش الحياء العام أو أى تهمة آخرى كما يحدث فى أى دولة متقدمة...والله لقد خرجت فى مظاهرات فى كندا تهتف لفلسطين وتندد لجرائم إسرائيل وكان البوليس يحمينا لأننا لم نتطاول ولم نشتم ولم نسب...فمن معه الحق لا يحتاج للسباب...علموا الناس يتظاهروا صح وبعدين حاسبوهم بالقانون بدل الضرب عمال على بطال..اشعر أن أمن الدولة فى بلادنا حافظ مش فاهم ولو قامت مظاهرة تهتف بحياة الرئيس مبارك هيضربوهم برضه بالشوم...افهموا بلاش احفظوا..الشوم مجرد مسكنات..المظاهرة ممكن تنفض لكن النفوس سيسكنها الغضب للأبد.

ومن المظاهرات إلى الإعلام...قنوات لا تنتهى للدراما والمسلسلات 24 ساعة أفلام ومسلسلات....ما كل هذا؟ مسكنات حتى ينشغل الناس فلا يجدون وقتًا للفراءة ولا التفكر والأهم ألا يجدوا وقتًا للسياسة...والآن ستنتجون أفلامًا عن الوحدة الوطنية وتلاحم عنصرى الأمة وملاك جار محمود وأم جورج جارة أم محمد...هل الحل فى بيان حالة الحب والوئام وكأن شيئًا لم يكن؟ أم الحل فى ابراز المشاكل وبيان خطرها وسبل حلها....النماذج السيئة لابد أن تظهر كما تظهر النماذج الصالحة لأن هذا ما يراه الناس فى الشارع....اشمعنى يعنى مسموح الممثلين يسكروا ويحششوا ويبوسوا بعض أمام الشاشة من باب أن السينما تقدم الواقع ولكن المشاكل الحقيقة التى يعانى منها المجتمع غير مسموح لها بالظهور من باب وأد الفتنة

صدقونى الحل ليس فى الشوم ولا فى ترديد الشعارات والأغانى ولا قص الحكايات عن مدرسة الراهبات التى كنت أدرس فيها وجارتنا أم جورج وليس الحل أيضا فى تجنب قراءة أيات معينة فى القرآن فى المساجد ولا قطع أحاديث الشيخ فلان أو علان وقصها ولزقها ..افهموا كل هذا مجرد مسكنات...الآن نحن فى عصر المعلومات فيه متاحة للجميع...والله لقد رأيت فيدويهات لمعلم بن لادن - شوف من كام سنة الفيديو ده - رأيته على صفحات أحد الأخوة المسيحيين يدعو فيه هذا المربى الفاضل إلى الإرهاب والعنف على أساس أننا دين الإرهاب بنص آية "ترهبون به عدو الله وعدوكم" على غرار إرهابى وافتخر...وهناك غيره الكثيرون أليس كذلك؟ لمصلحة من يتم نشر هذه الفيدوهات الآن على الانترنت...لا أعلم ولكننا نحتاج أن نرد على هولاء بالحجة والدليل والمنطق...من فضلكم كفاية دفن روؤس فى الرمال..الحل سيأخذ سنوات لتربية جيل قادر على التفكير والتمييز بين الرأى الخطأ والرأى الصواب...جيل بوصلته المنهج الإسلامى المعتدل...هذا الجيل سيعرف كيف يرد على فتوى هذا أو ذاك ...هذا الجيل سيعلم غيره الإسلام المعتدل الذى لا غلو فيه ولا تفريط.. سيعرف متى يتظاهر وكيف يتظاهر..وسيقدم إعلامُا مختلفًا عن بحبها وبتحب صاحبى وصاحبتها بتحبنى...من فضلكم درسوا للكبار قبل الأطفال الإسلام الصحيح وبالذات الآيات التى تتحدث عن المسيحية...لأنهم سيقرأونها سواء درستموها لهم أم لا...فقوموا بتدرسيها وشرحها بدلًا من أن يفسرها كل إنسان على هواه....ودرسوا للمسيحيين أيضا الدين الإسلامى من باب أن يعلموا الدين الذى تدين به الأغلبية التى تعيش معهم فى بلد واحد...وبدارستهم للدين الإسلامى لن ينجح فيديو أهوج أن يقنعهم أن الإسلام دين إرهاب وعنف...وفى المقابل درسوا أيضا للمسلمين الدين المسيحى من باب العلم بالشىء ورؤية المشترك بيينا...أعلم أن مجتمعنا لم ينضج بعد بالقدر الكافى لكل هذا ...ولكنها خطوات عاى الطريق...إن الحل الجذرى فى التعليم والإعلام  وهذا الحل سيحتاج سنوات وسنوات ولكن لنبدأ الآن...وأرحمونا بأه وكفاية مسكنات

دينا سعيد 
5-1-2011

1 comment:

  1. Dear Dina

    Nice to see that you have a weblog :)
    Great !!

    I also want to have one.

    Dina, I can read and understand the holy Quran. My arabic knowledge is just limited to the holy Quran.

    So I think I cannot understand your post well

    Excuse me :)

    ReplyDelete