ليست أول مرة تحدث وغالبًا لن تكون الأخيرة
لا تعلم ما الذى يجعلها تشعر بأوجاع الناس عن بعد هكذا....من غير مناسبة تتذكر صديقة ما وتشعر بشعور غامض نحوها ثم تسأل عليها لتجدها فى المستشفى!!!
أول ما تتذكره من هذا الأمر عندما كان عمرها 17 سنة واستيقظت من نومها ذات يوم تبكى بشدة وتهتف باسم جدها ولم تمر أكثر من نصف ساعة حتى جاءهم خبر وفاة جدها الحبيب
ثم توالت هذه المصادفات..أحيانًا يأتيها الأمر فى شكل حلم...تحلم أن صديقتها أنجبت قبل ميعاد الولادة بيوم...تحلم أن مديرها قد فاتته الطائرة لتجده فعلًا قد فاتته...الكثير والكثير من المواقف
الغريب فى أحلامها أنها لا تحتاج تفسير غالبًا...بل هى تحدث كما تراها تمامًا ...والأغرب أنها نادرًا ما تحلم لنفسها...بل دائمًا ما تدور أحلامها حول من حولها
لماذا هى كذلك؟ هى تعلم أنها تحمل أوجاع الناس ربما بأكثر مما يحملونها...أحيانًا تشعر أنها طبيبة نفسية أو مصلحة اجتماعية...الكل يجى لها ليشكو ويرمى أوجاعه فى حجرها....وإذا كان الطبيب النفسى ينسى المريض بمجرد مغادرته المكتب فإنها لا تنسى...تظل تفكر فى المشكلة وتعيش معها وتبحث عن حلول لها بكل ما استطاعت من قوة...والأهم أنها توسع من نطاق المشكلة لتفكر فى كم الناس الذين قد يكونوا يتعرضون لمشكلة مشابهة وكيف يمكن أن تحل مشاكلهم جميعًا ...بل كيف يمكن منع المشكلة من الحدوث أساسًا...وربما بعد سنوات عديدة من المشكلة تسترجعها من الذاكرة عند حدوث مشكلة مشابهة وتظل تفكر كيف تمنع الناس من أن يتعرضوا لمثل هذه المشاكل أو أن يحلوها بشكل أكثر ايجابية...ولا تقف حدودها عند التفكير فقط...بل تحاول أن تقابل الشخص المسئول الذى يمكنه أن يحل المشكلة وتعرض عليه أفكارها ولا تهتم كثيرًا إذا ما سرق الفكرة ونسبها لنفسه ...كل ما تهتم فيه أن يقوم أحد ما بالتخفيف عن عباد الله وجعل حياتهم أفضل...هكذا هى دائمًا تجدها تطرق كل الأبواب الممكنة...رئيس القسم...عميد الكلية....مساعد الوزير الفلانى...تحاول أن تحل المشاكل من فوق حتى لا يعانى المزيد والمزيد من الناس...كثيرًا ما كانت تٌصدم بالبيروقراطية والأمخاخ المتحجرة الغير قادرة على التفكير الخلاق والتى تريد كل شىء كما هو لأن هذا أسلم...ولكنها كانت لا تستلم...وتقول إنى أعمل جهدى وهذا ما سيحاسبنى عليه ربى...وفى النهاية تكتب ..تكتب أفكارها وأحلامها وتنشرها فى عمودها اليومى...نعم هكذا أصبحت صحفية....فقط لتوصل مشاكل الناس إلى أكبر قطاع ممكن ...فقط لتغير الواقع
تشعر أنها تحمل نفسها وروحها وعقلها أكثر مما يتحمل ولكنها لا تستطيع أن تقول "لا" ...لا تستطيع أن تشاهد إنسانًا غريبًا يحتاج مساعدة ولا تبادر لمساعدته فما بالك لو كان هذا الإنسان صديق أو قريب؟ وفى النهاية هى تعلم أن هناك حدود لقدراتها ولكنها تجد المعونة دائمًا من الله وتشعر أنه يوافقها دائمًا بقدر ما تسعى لمساعدة غيرها....يقولون لها أنها لابد أن تكون أولويتها الأولى لنفسها وأنها قبل أن تساعد غيرها لابد أن تساعد نفسها....وأن اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع...ولكنها لا تشعر أنها لابد أن تحمل هم نفسها إذا كان ربها قد تكفل بذلك..ألم يقل الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه "والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"؟..لا تنسى عندما مرت يوم ما بضائقة شديدة فبعث الله عبادًا لا تعرفهم ولا يعرفونها ليساعدونها ..يومها قالت لها جدتها "ربنا بيساعدك يا بنتى على قد نيتك الطيبة..عملك الصالح بيرجعلك"....كانت كلمات جدتها تدوى فى أذنها دائمًا عندما تبدأ تحسبها - وهى عادةً لا تحسبها- هل تساعد هذا الإنسان أو توفر مجهودها ووقتها ونقودها لنفسها؟ وطبعا الاختيار نادرًا ما يكون نفسها
كتبتها دينا سعيد
3-9-2011
إهداء إلى كل روح تهمل هموم الناس وأوجاعهم