التاريخ الدموى للمسلمين!!
رد على د. خالد منتصر فى حلقة العاشرة مساءًا
عقدت مناظرة فى برنامج العاشرة مساءًا بين الأستاذ صبحى صالح ( أحد أقطاب الأخوان) وبين د. خالد منتصر ( أحد دعاة العلمانية) عن الدولة المدنية والدولة الإسلامية (1)...وفى سياق الحديث أشار د. خالد إلى حادثة مقتل ابن المقفع البشعة كدليل على التاريخ الدموى للمسلمين عندما يحكمون باسم الدين!!
أخذ د. خالد يشرح كيف تم قتل ابن المقفع وإلقاء أعضاءه واحدة واحدة فى النار لتشوى ويأكل منها واستفاض فى الحديث وكأنه يشرح أحد مشاهد لأفلام الرعب الأمريكية...تخيلت الرعب والفزع وهو يدب فى عدد ليس بقليل من المشاهدين وهم يتخيلون أنه لو وصل للحكم أحد الإسلاميين فإنه سيشرع فى تقطيع الأوصال وشى أعضاء كل من يخالفه فى الرأى. وللأمانة فقد وضح د. خالد أنه يتكلم عن التاريخ الدموى للمسلمين وليس عن التاريخ الدموى للإسلام!!
إن د. خالد منتصر مارس فى كلامه ما يمكن أن يعتبر تدليسلًا على المشاهدين حيث أوحى لهم أن ابن المفقع قد تم قتله بهذه الميتة البشعة نتيجة خلاف فكرى والواقع أن الخلاف كان خلافًا سياسيًا وليس فكريًا (2) وحتى إن كان فكريًا فإنى لا أعلم كيف تكون حادثة مثل حادثة مقتل ابن المقفع التى حدثت فى أوهن عصور الخلافة الإسلامية (نهاية الدولة العباسية) دليلًا على التاريخ الدموى للمسلمين. ألا يحدث حتى فى الدول العلمانية أن يحدث خلافًا سياسيًا فيلفق أحد الخصوم للآخر التهم او تم اغتيال الخصم بدم بارد!!
إنى لا أدافع عن قتلة ابن القفع بل إنها حادثة بشعة مثلها مثل آلاف الحوادث الآخرى التى حدثت على مدار التاريخ مثل حوادث قتل الكنسية للعلماء المخالفين لها(3) ومثل حتى قتل اليهود لشبيه المسيح (أو للمسيح نفسه فى عقيدة المسيحيين)....ولكن كيف نتخذ من بعض هذه الحوادث التى حدثت بسبب الجهل والتعصب الأعمى دليلًا على التاريخ الدموى لهولاء او أولئك! ومنذ متى كان سوء التطبيق دليلًا على سوء المبدأ وليس سوء المطبقين؟
التاريخ الدموى للمسلمين!! وكأن من يجلسون أمام الشاشة هم مجموعة من المغيبيين عن الأحداث فلا يرون التاريخ الدموى للاسرائيلين وقتلهم حتى الأطفال العزل منذ عام 1948 إلى وقتنا هذا. وكأن هولاء المغيبيين لا يعلمون أنه لولا رعاية أمريكا ومعظم دول أورويا (العلمانية) لإسرائيل لما اقترفت كل هذه المجارز.
التاريخ الدموى للمسلمين!! وكأننا لم نرى أمريكا العلمانية وهى تقصف اليابان بالقنابل النووية فتدمر الأخضر واليابس وتشوه أجيالًا من البشر وكأننا لم نراها وهى تغزو العراق فى محاولة لفرض الديمقراطية كما قيل بينما كما نعلم جميعًا هى محاولة للاستيلاء على بترول العراق...مجرد حرب عادية مات فيها ما يقرب من مليون عراقى فقط!!
التاريخ الدموى للمسلمين!! وكأن هذه المنطقة من العالم العربى لم تلاقى الويلات من استعمار البلاد الغربية العلمانية التى مصت ثرواتها المعدنية وغير المعدنية ولم تترك بلادنا إلا بعدما تأكدت أنها زرعت بذور الفتنة فى كل بلد حتى لا تتنهض لهذه الشعوب مرة آخرى وتستعيد مجدها المنصرم.
من حق د. خالد أن يختلف مع الأخوان ومع ممن شاء من التيارات الإسلامية أو السياسية من واقع أفكارهم أو برنامجهم ولكن ليس من حقه أن يأخذ المناقشة لأبعد من ذلك ليستخدم حوادث فردية فى التاريخ الاسلامى ليبرهن على التاريخ الدموى للمسلمين كما يقول وليؤكد أن طبيعة المسلمين عندما يختلفون مع غيرهم فى الراى هى الطبيعة الدموية وأن هذه هى طبيعة الاختلاف فى الدين وأن الحل هو العلمانية وكأن العلمانية ثوب ناصح البياض من الدموية وكأنى لا أقبل أن يتم قتل إنسان بسبب فكره أو دينه ولكنى أقبل أن يتم قتله بسبب مصالحى الشخصية...وطبعًا كلا الأمرين مرفوض ولكن هناك عقوبات وحدود ولو أدى الانسان بفكره لفساد المجتمع فلابد أن يعرض على محاكمات عادلة حتى لا يفسد المجتمع بدوره...ودعونى أذكركم بأصحاب الفكر الجديد فى الحزب الوطنى الذين أفسدوا الحياة السياسة والاجتماعية فى مصر بفكرهم...الموضوع ليس أنهم ضد الدين ولا ضد الإسلام ولكن الموضوع أنهم بفكرهم تسببوا فى هلاك المجتمع فلابد من حسابهم على هذا
قل لى يا سيدى هل العلمانية ستحمينا من بطش أحدنا بالآخر بسبب اختلاف فكرى أو عقائدى أو سياسى؟
أم سترانا سنغدو مثل السمك يأكل الكبير فينا الضعيف طالما لا يوجد نرجعية دينية تردع حاكم هذه الدولة؟ لن نرى وقتها مشكلة فى تصدير الغاز لإسرائيل وحصار الفلسطنيين طالما أن هذا يصب فى مصلحتنا الشخصية بصرف النظر عن اعتبارات الأخوة الدين...ففى العلمانية لا
توجد مثل هذه الاعتبارات. وأرجوك أن تعطنى مثال لدولة واحدة علمانية لا يوجد فيها بطش بالآخرين لأى سبب كان.
وفى المقابل لو كانت لنا مرجعية دينية من هذا الدين العظيم الذى هو رحمة للعالمين فإننا لن نستطيع أن نلقى يومًا بالغلال فى الأطلنطى كما تفعل الدول العلمانية ليرتفع سعرها العالمى بينما هناك مجاعات تجتاح العالم كله...بل إننا سنطعم ما يفيض عن حاجاتنا وحاجة البشر حتى للطير على .رؤوس الجبال كما حدث فى عهد عمرو بن عبد العزيز ..أم ترانا لا نقرأ من التاريخ الإسلامى سوى المنصور العباسى؟
إنى أقول بقول الشيخ الشعراوى رحمه الله "إنى أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا يصل أهل الدين إلى السياسة"....نعم إنى أتمنى أن يحكمنى أصحاب الخبرة والحنكة السياسية المتحلون بأخلاق الدين والذين يتخذون من تعاليمه نورًا ونبراسًا ولكنى لا أتمنى أن يصل المشايخ والدعاة إلى سدة الحكم طالما لا يمكلون الخبرة اللازمة لهذا الأمر الجلل.
المراجع: