Search This Blog

Tuesday, January 10, 2012

الصدمة

عندما يقول أحدهم أنا طاير من السعادة فلا تحسبن أن هذه مبالغة
فاليوم شعرت أنى أطير من السعادة
وكيف لا؟ وقد وفقنى الله أن أعمل معه
مع أستاذى
هذا الرجل الذى علمنى الأخلاقيات
هذا الرجل الذى زرع في ما لم يزرعه فى أبى وأمى
أنه المعلم والقدوة
كان يتكلم فاستمع إليه وأنا على رأسى الطير
وكنت ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
لذا فقد كنت أبادر بتنفيذ كل شىء يقوله
اجتهدت ﻷغير نفسى
ﻷجعلها مثال للشرف والأمانة وحب الخير
كم  أثر فى
كم أنا مدينة له بالفضل

واليوم اختارنى ﻷعمل معه بعد تخرجى
  سأكون معيدة  للمادة التى يدرسها
سأكون ذراعه اليمنى
سأقضى معه أوقاتًا أطول
سأتناقش معه واكتسب المزيد من علمه وخبرته
كل زملائى يحسدونى على هذا الشرف العظيم
أنى سأكون مساعدة الأستاذ
.....

فى البداية كذبت نفسى كثيرًا
فقد كان أستاذى أقرب ما يكون لديكتاتور
لا يقبل المناقشة فى أى تفصيلة
يريد أن يتم تدريس كل شىء كما يراه ويريده
كنت اجتهد فى عملى وأحضر من مراجع آخرى غير الكاتب القديم الذى يحضر منه
ولكنه كان لا يقبل بأى من هذا
ويصر على رأيه حتى لو تبين له خطأه
اتهمت نفسى بأنى غير مهذبة
وأنى لا أعرف كيف أعرض الأمر عليه بلباقة حتى يتقبله
كان أهون على أن أصدق أنى أنا الجاهلة
على أن أتهمه بأى نقيصة
فى النهاية استسلمت
اعتبرت أنه قائد الربان فليوجهه كما يشاء
وفقدت حماسى له ولكلماته عن حرية الرأى والإبداع
التى كان يرددها على مسامعنا ونحن طلاب
وما زال يرددها
كنت أسمعه فأقول فى نفسى
"أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"
-----
اتضح أن الحياة ما زالت تدخر لى ما هو أبشع من أسوأ كوابيسى
فى يوم مرضت زوجة أستاذى وذهبت لزيارتها
فأعطانى مفتاح مكتبه لأحضر له أوراقًا هامة
دخلت المكتب ورأيت أوراق امتحانات آخر العام
شعرت بالفضول أن أعرف بماذا أجاب الطلاب
فأخذت اتصفح الأوراق حتى توقفت أمام ورقة امتحان
"الواد ده حمار"
هتفت داخل نفسى..إجابته غبية جدًا
ولكن ما هذا الذى أراه
أستاذى أعطى له درجات عالية جدًا
ربما فى الأمر خطأ
لا ليس بخطأ على الإطلاق
فهناك تعمد واضح جدًا لإعطاء هذا الطالب أكثر بكثير مما يستحق
هذا الطالب يستحق الرسوب بجدارة
ولكن أستاذى أعطى له جيد جدًا
ولكن من هذا الطالب؟
الأسماء سرية
ولكن هناك علامة فى الورق
علامة واصحة لا تخطأها أى عين
خطين بالأزرق مسطرين من فوق
و3 خطوط بالأحمر من تحت
واضح أن أستاذى كان يعرف لمن هذه الورقة
أتكون ورقة ابن الوزير؟!!!!!
جريت على مكتبى
ونثرت التمارين التى لم أصححها بعد على الأرض
حتى وقعت عيناى على ورقة ابن الوزير
وكان تطابق الخطوط لا تخطأه أى عين
فلا يمكن أن يتواجد اثنان بهذا الخط الزبالة فى الدفعة

مادت الأرض بى وقد اكتشفت الكارثة
جعلت أتحسس الحائط لاستطيع المشى دون أن أقع
أمعقول هذا؟؟؟
أستاذى العظيم ...رجل الأخلاق والمبادىء
 يخطأ هذه الخطأ الأخلاقى الفادح
يبيع ضميره!!!
بماذا أغروه؟!! ربما هددوه؟!!
ولماذا استسلم؟
لماذا لم يقل "لا"؟
-------
قضيت أيامًا فى السرير فى شبه اكتئاب
لم أكن استطع أن أفضفض ﻷى مخلوق
كيف أشوه صورته؟ كيف أقضى بيدى على قدوة زملائى؟
كيف أفتنهم به؟
لا لن أفعل....تذكرت قوله تعالى "ولا تنسوا الفضل بينكم"
شعرت أن الصمت هو أحسن طريقة لرد الجميل
ولكنى لن استطيع أن أتعامل معه بعد اليوم
أنا بشر

استقلت وسافرت للخارج
كانت الصدمة كفيلة أن تدمر كل معنى جميل بداخلى
ولكن رحمة ربى كانت أوسع لى
قضيت أيامًا وشهورًا أفكر وأتأمل
حتى استطعت أن أفصل الكلام عن قائله
إنى مؤمنة تمامًا بكل ما كان يقوله
بكل ما علمنى أياه
وإذا كان هناك خلل فى التطبيق فالعيب فى الإنسان
وليس فى المبدىء ذاته
شعرت بالارتياح النفسى عندما وصلت لهذه النتيجة
إنى الآن استطيع الحياة
-------------------
لقد علا نجم أستاذى كثيرًا
يستضيفونه فى البرامج التليفزيونية
كمفكر عظيم ومعلم أجيال
أجد أصدقائى يشاركون كلامه على الفيس بوك
اقرأ تعليقات من قبيل
"هذا الرجل أكثر من رائع"
"لو عندنا عشرة من هذا فى مصر لكفى"
"يا ليته يكون وزيرًا أو حتى رئيس جمهورية"
كلام..كلام..كلام
مديح...مديح..مديح
اشعر  بالرغبة فى التقيؤ
أشعر بالرغبة فى الصراخ
يا ناس افهموا
"ليس كل ما يلمع ذهبًا"
أقرأ قوله تعالى
"ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام"
أقرأه فأكاد أجثو على ركبتى باكية داعية الله
ألا يجعلنى ممن يقولون ما لا يفعلون


دينا سعيد
8-1-2011
--------------------------------------------------------------------------------
تنويه: مستوحى من مجموعة كبيرة من القصص الحقيقة التى حدثت على مدار العصور
وما زالت تحدث حتى وقتنا هذا


Monday, January 9, 2012

البئر

يحكى أن هناك ولد صغير دأب على الذهاب لبئر جميلة فى قريته مع والدته وكانت والدته تساعده على أن يشرب من البئر...كانت مياه البئر نقية وصافية...وكان الطفل يحبها كثيرًا
وفى يوم تسممت مياه البئر وعندما شرب منها الطفل مرض مرضًا شديدًا
فكر وأحضر دلوًا جديدًا وشرب من مياه البئر فمرض مرة آخرى
استخدم كوبه الملون الزاهى وشرب من مياه البئر فمرض ثانية
حاول كل من حوله إقناه أن العيب فى المياه نفسها وأن تغيير الكوب أو الدلو لن يحل المشكلة وأن الحل الوحيد أن يمنتع عن الذهاب لهذا البئر وأن يبحث عن بئر آخر
ولكنه كان يشتاق إلى هذا البئر بالتحديد
واستمر يحاول أن يشرب منه حتى جاء اليوم الذى لم يستطيع جسده أن يقاوم السم فمات

Sunday, January 8, 2012

الهدية


الهدية


قررت أن أهدى حيبيى نبتة زرع فيها أزهار بنفسج فأنا أحب البنفسج وأعشق رائحته
سيضعها حبيبى فى مكان بارز فى حجرته وسيتذكر أن يرويها بالمياه كل يوم
وكلما رواها كلما تفتحت أزهارها وانتشر شذاها فى كل أنحاء الحجرة

ولكن طبع حبيبى النسيان
لذا فقد انشغل عن أزهاره ...تركها أيام
وفى يوم تنبه لها فوجد بعض أزهارها قد ذبلت وبعض أغصانها قد تكسرت
جن جنون حبيبى وجرى إلى صنبور المياه
وأخذ يرويها ويعتذر إليها عنى إهماله لها ويعدها أنه لن ينساها ثانية

وصدقته الأزهار وعادت إليها الحياة مرة آخرى
ونبتنت مكان الأزهار الذابلة أزهارًا أكثر روعة
وشبت الأغصان الصغيرة وتنافست أيها أطول واكثر بهاءًا

وبمرور الوقت اعتاد حبيبى وجود الزرعة فى حجرته
ولم يعد يدهشه جمالها ولا رونقها
حتى رائحتها الطيبة مل منها
أصبح ريها  عبئًا نفسيًا عليه يؤديه خوفًا أن يحاسبه الله على موت نبات

وفى يوم اضطر حبيبى للسفر...ونسى أن يوكل ﻷحدهم رعاية ازهاره
فما كان ليعينه أمرها كثيرًا على أى حال
وعاد بعد شهور وفتح باب حجرته
ليراها حطامًا
حاول مرارًا وتكرارًا أن يعيد إليها الحياة
توسل إليها أنه لن يتركها ولن يهملها ثانية
ولم ينتبه أنها لم تعد تسمعه ولم تعد تراه
وأن كل دموعه لن تعيد الحياة لمن يأبى الحياة

أحضر بذورًا آخرى وحاول أن يزرعها
ولكنك أبت الترية أن تنبت أزهارًا
فقد أصبحت أرضًا بورًا
جرفتها سنوات الإهمال والهجران

كان حبيبى كثيرًا ما يجلس وحيدًا
يتأمل مكان النبتة الفارغ
ويتذكر كيف كان تملًا حياته بهجة بعبيرها الآخاذ وزهورها المتأنقة

ثم أخذ القرار ....ذهب لمحل النباتات واشترى نبتة آخرى
سيغير هذه المرة لن يشترى بنفسجًا بل سيشترى ياسمينًا
وسيضعها فى نفس المكان
والآن هو يسقيها بمنتهى العناية والاهتمام
لا ينساها مهما كانت مشاغله
لكن ما باله يلمح أحيانًا ضيًا بنفسجيًا بين زهرات الياسمين البيضاء


دينا سعيد
6-1-2011

Thursday, January 5, 2012

كالجرى المدينة الرمادية

...   يقولون عنها أنها من أفضل خمس مدن على مستوى العالم من حيث جودة  الحياة
سألت ماذا تعنون بجودة الحياة؟ فقالوا المياه النقية والهواء الغير ملوث وشبكة المواصلات والخدمات وخلافه
نظرت إليهم فى سخرية وقلت لهم وهل هذه حقًا حياة؟


 ماذا عن التاريخ؟ ماذا عن الترابط الأسرى والاجتماعى؟ ماذا عن الأصالة؟
نظروا إلى كمن يتكلم لغة لا يفهمها متحدثهم وعذرتهم فأنى لهم أن يفهموا
أنى لهم أن يعرفوا

كيف يرون فى هذا المدينة أى جمال وهى التى يصاب معظم سكانها فى الشتاء بالاكتئاب بسبب قلة التعرض للشمس؟
الشمس!!! أنهم حتى لا يعرفون معنى الشمس فهى عندهم مجرد  لمبة تنور أحيانًا وتختفى فى أغلب الأحيان
لم يشعروا يومًا بدفئها ولم يجربوا يومًا أن يدثروا بلحاف أو بطانية أخرجته رب المنزل منذ الصباح الباكر فى شرفة المنزل

أين يخرج الناس فى هذا المدينة الكئيبة إلا للمولات والمظاعم المغلقة ودور السينما؟
لا يعرفون الجلوس على ضفة النيل ولا شاطىء البحر
لا يعرفون التجول فى الأزهر والجلوس على الفشاوى وزيارة المتاحف
إن كل قطعة من بلدى متحف ولكن مهلًا إنك إذا زرت إيطاليا رأيت الفن الرومانى وإذا زرت تركيا رأيت الفن الإسلامى
ولكن فى بلدى ترى كل هذا...ترى الفن الفرعونى والرومانى والقبطى والإسلامى
ترى فى كل مكان شىء مختلف
أنها بلد تتحدى الملل....تستطيع أن تجد فيها ألف شىء وشىء تفعله

وأحلى ما فيها أهلها...نعم هولاء الرعاع الفوضويين العاطفيين
أفضل عندى ألف مرة من هولاء الذى يستطيعون ذبحك فى لحظات وعلى وجهوهم ابتسامة ود
هولاء الذى يرونكم تتألم وتبكى فلا يكلف أحدهم خاطره أن يسال عنك حتى لا يتدخل فى شئونك الخاصة

ماذا أقول لكم؟ إنى أشعر بالاختناق من هذا البرود  وهذا الروتين...
كل شىء مخطط ومحسوب ...لا مجال للعشوائية ...لا مجال للخطأ..وبالتالى لا مجال للابتكار والإبداع

هذه المدينة تبدو لى كالمرأة العجوز التى تسكن قصرًا منيفًا ذا أسوار شاهقة
تستقدم خدمًا من كافة أنحاء العالم ليحافظوا على نظافة ونظام القصر
ويخضع هولاء الخدم جميعًا لنفس النظام
يستيقظون فى نفس الوقت وينامون فى نفس الوقت
يعملون طوال النهار من أجل راحتها

 وما أن تفلت منك ضحكة أو حركة عفوية حتى ترمقك بنظرة تجمد الدم فى عروقك ولسان حالها يقول لك يا حشرة ..
.يا من لا تستحق حتى أن تجلس معى....كيف تجرؤ؟

أيتها المرأة المتصابية إنى أكرهك أكره زينتك المصتنعة... أكره قصرك الممل... أكره أكلك الذى لا طعم له ولا يسمن ولا يغنى من جوع
أرجوك لا ترفعى حاجبك فى دهشة هكذا
إنى لا أعيبك ولا أعيب من يعيشون معك ومن يرونك من أفضل مدن العالم
إن العيب فى أنا الذى لا يستطيع أن يعيش ألا فى العشوائية والفوضى
أنا الذى أتنفس من عرق الناس التى ترينهم لا يستحقون الحياة
أنا الذى لا استطيع أن اقتلع جذورى وأنسى من أنا
ﻷكون الشخص الذى تريدينه
عذرًا سيدتى .....لقد ضيعت وقتك مع الشخص الخطأ
ولكنى لم أضيع وقتى فكل دقيقة قضيتها معك جعلتنى اكتشف من أكون حقًا
وعرفت أنى لن أحيا إلا إذا رجعت إلى فتاتى الأولى
-إلى بلدى

دينا سعيد
2-1-2011
----------------
ملحوظة:
هناك فرق بين المقال والقصة فالمقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولكن القصة تعبر عن حالة معينة ربما لا يتفق معها الكاتب
وهذه قصة فلا يجب التعامل معها ألا على هذا الأساس

Sunday, December 4, 2011

عفوًا دكتور راغب السرجانى وجماعة الأخوان ليس فى الإسلام كهنوت


فى البداية اعترف لدكتور راغب السرجانى بأنه من أكبر علماء التاريخ الإسلامى وقد استفدت شخصيَامن محاضراته ومقالاته
ولكن "كل يؤخذ منه ويرد ألا رسول الله صلى الله عليه وسلم"  ولذلك وجب التنويه فى هذا المقال لشىء ذكره د. راغب فى أحدى محاضراته أجده فى منتهى الخطورة


ففى هذه المحاضرة 
http://www.youtube.com/watch?v=wrmEULITR2g&feature=related
كان يشرح د. راغب وجهة نظر الأخوان المسلمين فى عدم مناصرة المتظاهرين فى التحرير عقب أحداث العنف الأخيرة
وهى وجهة النظر التى تقول أنهم لم يريدوا أن يستدرجوا لفخ 54

وفى هذا المقال لن أتحدث عن وجهة النظر هذه ولن أناقشها ولكنى ساتحدث عما ذكره دكتور راغب خلال الخطبة 
ليدعم ثقة الشباب فى العلماء الذى اتخذوا هذا القرار فقال فيما معناه
ضعوا ثقتكم فى علمائكم الذين يقيمون الليل ويقرأون القرآن فيكونون مؤيدين بنور الله ويرون ما لا يراه سكير أو غير ملتزم

وهنا كان لابد من وقفة..لأن هذا الكلام فى منتهى الخطورة فالقرار الذى نحن بصدده قرار سياسى وليس دينى
فمن قال أن علماء الدين أو حتى علماء السياسة المتدينين سيتخذون القرار السليم وغيرهم من غير الملتزمين أو غير المسلمين سيكون قرارهم خطأ؟

ولننظر لهذه الواقعة
"عندما اراد الرسول صلى الله عليه وسلم, أن يتخذ موقعا استعدادا لحرب غزوة بدر, سأله الصحابي الحباب المنذر رضي الله عنه, بما معناه, أهو منزل انزلكه الله,فليس لنا ان نتقدم أونتأخر, ام هي الحرب والمكر والخديعة يارسول الله, قال المصطفى بل هي الحرب و المكر والخديعه, فقال ليس هذا بمنزل, فلننزل ببئر بدر, يشرب المسلمون ولا يشرب المشركون."

فهل هناك من هو أكثر عبادة وقربًا من الله عز وجل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومع هذا كان الرأى السليم فى الحرب لأحد الصحابة منافيًا لرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يتردد الصحابى فى معارضة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تأكد أن الأمر ليس بوحى من السماء...ولكننا عندما حدثت الأحداث الأخيرة وجدنا شباب الأخوان يكتبون عبارات مثل هذه
"
أتأدب مع قرار جماعتي المخلصة في عدم النزول بأدب موسي مع الخضر حين رآه يخرق السفينة و لكنى يحترق قلبي كما كان حال موسي على السفينة ومن فيها مدرك تماما أنه سيأتي اليوم الذي أعلم فيه الحكمة فأنحني لجماعتي و ألوم نفسي...."

وعندما قرأت هذه العبارة قلت ومصيباتاه....ما هذا الخلط؟
سيدنا موسى أرسله الله إلى الخضر ليتعلم منه العلم وقال الله تعالى له أن الخضر أعلم أهل الأرض...فبذلك كان لابد لسيدنا موسى أن يتأدب مع الخضر ليتعلم حكمة الله فى حدوث أشياء نراها شرًا وهى فى الواقع خيرًا

ما علاقة هذا بأعضاء جماعة مع مرشدهم ولا أعضاء حزب مع رئيسهم؟
هل هذا المرشد أو الرئيس مؤيد من المولى عز وجل؟

أفهم أنهم أصحاب خبرة وتجربة ولكن هذا لا يعنى أنه لا يمكنك أن تعارضهم أو حتى تناقشهم
هذا لا يعنى أن رأيك ربما كان هو الصواب ورأيهم هو الخطأ
"كما حدث فى غزوة بدر من الحباب بن المنذر"

أن مجرد أحساسك أنهم يعرفون ويفهمون بواطن الأمور وأنك غير متاح لك أن تعترض أو تأتى باى قد يكون أصوب يجعل عقلك لا يفكر 
كمثل طالب فى الجامعة يرى أن أستاذه أعلم منه ولا يناقشه ولا يجادله...هل نتوقع أن يكون هذا الطالب عالمًا فى يوم من الأيام؟

أنى أرى فى خطورة هذا المفهوم لو انتشر سيأخذنا إلى الدولة الثيويقراطية وهى الدولة الغير موجودة فى السنة
ولكنها موجودة فى الشيعة وعانت منها أوروبا الأمرين عندما كانت للكنيسة المرجعية الأولى

ألا يعتقد الشيعة أن الخمينى متصل بالمهدى المنتظر وأن قرارته مؤيدة من الله تعالى؟
هل نريد أن ننجرف لهذا؟
وبمرور الوقت نعتقد أن هناك مجموعة من الأشخاص مؤيدين بنور من الله لأنهم يقومون الليل ويقراون القرآن

أنا أسفة مهما بدا من شخص ما من مظاهر تدين...ما علمى أنا بإخلاصه حتى اعتقد أنه مؤيد بنور من الله؟
أليس عندنا فى السنة
"يُعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال"
؟
بمعنى أن كون فلان هذا رجل..لا يجعل كل ما يقوله حقًا

ألم تصب المرأة ويخطأ سيدنا عمرو بن الخطاب؟ وقامت هى بمعارضته فى الخطبة وعلنًا أمام كل الصحابة
وإلى الآن نحن لا نعلم اسم هذه المرأة بالمناسبة
أى أنها ليست من مشاهير الصحابيات ولكنها لم تتردد فى قول كلمة حق ومعارضة أمير المؤمنين

وإذا كنا نرى هذا الآن فى الأمور السياسية فهل سنراه قريبًا فى الأمور العلمية؟

بمعنى أنه عندما تكون عندى مشكلة علمية وألجأ لدكتورين متخصصيين لحلها وأرى أن أحدهما متدين ضائم قائم والآخر غير متدين أو حتى غير مسلم...هل سيجعلنى هذا أخذ براى المتدين لأنه يرى بنور الله؟

بالطبع لا...إذن فما الفرق بين هذا الأمر وبين السياسة؟

ألم يقل الله تعالى "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا"...ربما كان غير المتدين أز غير المسلم أكثر اجتهادًا وعلمًا وذكاء من المتدين وبذلك يفتح الله عليه ولا يفتح على المتدين

ألم يقل الله تعالى "يؤت الحكمة من يشاء"...ولم يقل  يؤت الحكمة المؤمنين أو يؤت الحكمة العابدين؟

أنها إرادة الله عز وجل أن يجعل شخص مثل الدالاي لاما -على كفره- حكيمًا
وأن يحرم آلاف بل ملايين من المسلمين من الحكمة

ما دامت القضية التى نبحثها ليست دينية بل هى سياسية أو حربية أو علمية...فلا فضل لملتزم على غير ملتزم او حتى لمؤمن على كافر...فى هذا الحالة نسمع كل الآراء وحجة كل رأى ...بدون النظر إلى الأشخاص وتقواهم
فمن يتق فإنما يتق لنفسه

وصدق من قال
"العقول الكبيرة تناقش الأفكار والعقول المتوسطة تناقش الحوادث والعقول الصغيرة تناقش الأشخاص"
ملحوظة: قائل هذه المقولة غير مسلم ولكنها صحيحة

أتمنى من الله أن يكون فهمى لكلام د. راغب ولكلام أصدقائى من الأخوان خطأ...وأتمنى ألا يجعلنا الله ننزلق فى هذه الهاوية
لنخلق مجتمع من المنافقين الذى يتأخذون من الدين مظهرًا حتى يصدقهم الناس
أتمنى

دينا سعيد
4-12-2011

Tuesday, October 18, 2011

خطط لمستقبلك!


حضرت اليوم محاضرة بالجامعة عن التخطيط لمستقبلك المهنى...مهم قوى تقعد مع نفسك وتتخيل أنت شايف نفسك إزاى بعد 5 أو 10 سنين...تتخيل كل حاجة شكل بيتك، مين هيكون معاك، هتكون بتشتغل إيه، وبتعمل إيه فى الأجازات وبتقضى وقت فراغك إزاى...ومن هنا تقدر تكتب الرؤية التى تعبر عن طموحك خلال ال5 أو 10 سنين القادمين والتى يجب أن تكون متسقة مع قيمك والحاجات اللى بتحبها
بعد ما تكتب الرؤية بتاعتك، تقعد تستخرج منها أهد...اق طويلة المدى لحياتك وبعدين تمشى بالراجع وتطلع الأهداف قصيرة المدى...إزاى؟ يعنى مثلًا رؤيتك أنك تمتلك شركة مساهمة بعد 10 سنوات، ممكن يكون هدف لك أنك تاخد ماجسيتر فى إدارة الأعمال فى خلال 3 سنين، يبقى أنت لازم فى خلال سنتين تكون بتدرس فعلا فى جامعة.. يبقى لازم فى خلال ستة شهور تكون مخلص امتحان التقديم وهكذا
موضوع الرؤية والأهداف هذا مهم جدًا ولا توجد شركة ولا جامعة ولا مؤسسة فى الغرب ليس لديها رؤية وأهداف مكتوبة على الويب سايت بتاعهم ومنشورة فى المؤسسة ويحفظها عن ظهر قلب المديريين فيها وهذا ما يسمى التخطيط الاستراتيجى
غالبًا فى الشركات والمؤسسات، المديرون بيسافروا مع بعض خارج المدينة ويحبسوا نفسهم فى مكان بعيد عن كل الضوضاء عشان يكتبوا الخطة الاستراتيجية للمكان الذى يديرونه "أنا نفسى مريت بهذه التجربة مع المؤسسة التى أشارك فى إدارتها" وبعدها يفتحوا المجال لبقية الموظفين والعاملين فى الشركة للتعليق على الخطة الاستراتيجية ويتم التعديل فيها حتى يصبح الكل راضى عنها...وبعدين تتحرك المؤسسة كلها بكل ما فيها من قوة لتنفيذ هذه الخطة.
أنت كمان على مستواك الشخصى لازم تخطط لنفسك استراتيجيُا...خد أجازة يوم وأطلع فى مكان بعيد لوحدك واكتب رؤيتك (على فكرة لو مش عارف أنت عاوز إيه بالظبط عادى ممكن تكتب أكتر من رؤية وتعمل أكتر من خطة)...وبعد ما تخلص ممكن تستشير فى هذه الرؤية أهلك وأصحابك المقربين وشريك حياتك وبعدين تعيش وتحلم وتتحرك عشان تحقق الرؤية دى
قد يكون الأمر صعبًا فى البداية ولكن بالتعود عليه هتلاقى أنه مفيد جدًا فى حياتك ولا تنسى قبل أى شىء الاستخارة والتوكل على الله تعالى...فاحلم أحلامًا كبيرة وخطط لمستقبلك بهمة وعزيمة أخذًا نية لله فى كل هدف تريد تحقيقه وسترى أن الله سيوفقك بأفضل مما كنت تخطط وتحلم
دينا سعيد
18 اكتوبر 2011

Sunday, October 16, 2011

لو عندك فكرة عن البرمجة هتعرف أن مصر بخير!!!


بما يكون العنوان مثير للدهشة! فما العلاقة بين البرمجة وبين ما يحدث فى مصر؟


هأقولك يا سيدى...لو كانت لك سابقة خبرة فى عمل برامج الكمبيوتر أو اخدت كورس كده على ما قُسم فى الجامعة ستلاحظ أنه بعد كتابة البرنامج يقوم المبرمج بعمل شىء يسمى
compilation
وهو اختبار ما إذا البرنامج يحتوى على أخطاء وغالبًا ما تكون هناك أخطاء
وهنا يقوم المبرمج بعمل عملية تسمى
debugging 
وهى عملية البحث عن الأخطاء أو بلغة البرمجة ال
bugs

وهنا قد يقضى المبرمج ساعات وأيام طويلة لاكتشاف وتصحيح كل الأخطاء الموجودة فى البرنامج الذى ربما يتجاوز طوله آلاف السطور

ومما يدعو للعجب ويجعل أى مبرمج يخبط رأسه فى أجدعها حيطة أنه ربما يقوم ال
compiler
باستخراج 3 أخطاء
على سبيل المثال
ويسارع المبرمج بتصحيح خطأ منهم....ويعيد الاختبار فيفاجىء بظهور 100 خطأ آخر

وهذا لا يعنى أنه أخطأ بتصحيحه الخطأ الأول ﻷن كده كده البرنامج مكنش شغال
ولكنه يعنى أن هذا التصحيح أدى لاكتشاف أخطاء كثيرة آخرى كانت مخبأة بسبب وجود هذا الخطأ الكبير

طيب مش ده اللى بيحصل دلوقتى فى مصر؟

حسنى مبارك وأحمد عز والحزب الواطى لا يختلف أى أثنان أنهم كانوا أخطاء وأن البلد مكنتش واقفة بس لا دى كانت بتجيب لورا
وأنه لم يكن هناك أى حل سوى التخلص من هذه الأخطاء بالثورة
خاصة بعد تزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وتيقنا جميعًا بأن المسرح يستعد لاستقبال جمال مبارك
لذا فالثورة كانت ضورة حتمية للتخلص من هذه ال
bugs
القاتلة
(وأرجو ألا نقضى الثلاثين عامًا القادمة نبحث إذا كانت الثورة ضرورة أم لا...خلاص حصلت وانتهينا
نشوف اللى جاى)

المهم بعد الثورة ظهرت أخطاء كثيرة لم نكن نراها من قبل أو كنا نراها ولكننا لا نستطيع حلها بسبب وجود شلة الأنس فى السلطة وتحكمهم فى كل شىء
أما الآن وقد رحلوا من سدة الحكم فنستطيع أن نعالج هذه الأخطاء واحد واحد كما يفعل المبرمج بعد التخلص من الخطأ الكبير الذى كان يجعله غير قادر على اكتشاف الأخطاء الآخرى ومعالجتها

كمثال: جزء كبير من الأخطاء التى تظهر الآن على السطح سببها الجهل ونحن نعلم أن لدينا فى مصر 40% أمية حقيقة ....فى عهد بابا مبارك السعيد لم يستطيع أحد أن يعمل جهودًا حقيقة لمحاربة هذه الظاهرة وذلك ﻷن مجلس محو الأمية كان تابع لحرم الرئيس بشكل أو بآخر...ومن هنا كان يحبط المسئولون عن المجلس أى محاولة جادة لمحو الأمية  خارج المجلس حتى لا يظهر أن هناك من يستطيع أن يحل المشكلة بطريقة أفضل من خططهم الفاشلة
وهكذا حكم على 40% من سكان مصر بالأمية بسبب شوية مصالح شخصية ومجاملات وعدم الرغبة فى ظهور بعض الناس اللى عندها كاريزما عالية على الساحة عشان لا يغطوا على جمال

أما الآن وقد ذهبت حرم الرئيس والرئيس نفسه...فتستطيع الجمعيات الأهلية والشباب أن يقوموا بجهود حقيقة لحل المشكلة وهى  المباردة التى تنباها الدكتور عمرو خالد مع صناع الحياة
والتى بالتأكيد ستأخذ سنوات طويلة حتى نستطيع التخلص من هذه المشكلة..ولكننا بدأنا أخيرًا والحمد لله

مثال آخر البلطجية وما يفعلونه فى المظاهرات...من الذى ربى البلطجية؟ الحزب الواطى ووزارة الداخلية للاستعانة بهم فى الانتخابات وعند اللزوم...وهولاء الناس مرتزقة تعودوا أن يفعلوا كل شىء وأى شىء من أجل الأموال....هناك جزء منهم ممكن تقويمه بتوفير حياة كريمة وفرص عمل جيدة وهناك جزء آخر لا حل له سوى السجن...فى الحالتين نحن أمام مشكلة كبيرة
مرتبطة بمشكلة آخرى وهى العشوائيات التى يعيش فيها معظم هولاء البلطجية والتى كان يبدو أن النظام السابق سعيد بها ﻷنها مخزن تفريغ للبلطجية

الآن بأمكاننا إصلاح هذه العشوائيات ..وبدل ما ندفع صدقات أموالنا وزكاتنا فى الطعام والشراب وموائد الرحمن (وفى الآخر كل هذا يكون مصيره دورات المياه) فلنوجه أموالنا لعلاج المشكلة من جذورها وهناك مثل صينى شهير يقول (لا تعطنى سمكة وعلمنى الصيد)
 وهى المبادرة التى تبناها الفنان محمد صبحى
وبالتأكيد ستأخذ سنوات هى الآخرى لعلاجها ولكننا بدأنا

لا ده أنا هأقولك على حاجة أفظع! طبعًا حضرتك عارف أن القانون بتاعنا مليان ثغرات عشان تحمى الفساد والفاسدين....وبذلك صعب قوى تمسك كل مصلحة حكومية فى مصر وتطلع الفاسدين فيها يعنى كأنك عندك
compiler
بايظ مش شايف اى أخطاء رغم أنك عارف كويس قوى ومتأكد ان البرنامج مش شغال وأن فيه حاجة غلط
يعنى محتاجين نعدل القوانين واللوائح الداخلية وده برضه سيأخذ سنين

الأمثلة لا تعد ولا تحصى وإذا فكرنا فى معظم المشاكل التى ظهرت الآن على السطح لوجدنا أنها مشاكل كانت موجودة أصلا من
قبل...والثورة لم تخلق مشاكل جديدة
حتى المتظرفين الذين يتضايق معظم الناس الآن من كلامهم ...هولاء لم يولدوا اليوم...كل ما حدث أن المناخ الجديد لحرية الرأى جعلنا نرى أن فى بلادنا متطرفين مسلمين ومتطرفين مسيحيين وملحدين وعلمانيين وشواذ إلى آخره

عاوز تسكت كل هولاء وتفرض رقابة على حرية الرأى والتعبير براحتك ولكن لتعلم أن هذا لا يعنى عدم وجود المشكلة...أنه يعنى فقط أنك لا تريد أن تراها...ولتعلم يا شريكى فى الوطن أنك لن تستطيع إيجاد أى حل ﻷى مشكلة ما لم تعترف بوجودها أولًا...فأرجوك لا تدفن رأسك فى الرمال..ولا تنزعج من كل ما تراه حولك من مشاكل ومصايب

أن ظهور هذه المشاكل وشعورنا بها الآن يعنى أننا نسير فى الإتجاه الصحيح واننا فقط فى مرحلة ال
Debugging

مصر تكتشف نفسها

دينا سعيد
13-10-2011