Search This Blog

Wednesday, October 10, 2012

استعادة النفس: هل الفيس بوك يسبب الاكتئاب؟


الحمد لله مرت عشرة أيام بسلامة الله بدون أن أتصفح الفيس بوك ولم ينقص منى أيد أو رجل 
:(

ولكن فى المقابل ربحت الكثير من الوقت. والأهم راحة البال التى جعلتنى أروق كما نقول بالمصرى
هذا الروقان جعلنى أركز أكثر فى عملى وأنجز فيه ...جعلنى افكر بدون ضوضاء
أحاول أن أتدبر..اتأمل..أعيد اكتشاف ذاتى

تكتشف أن هناك حاجات سهلة قوى ولا تأخذ وقتًا كثيرًا ولكنك لم تكن تعملها من قبل...لماذا؟
هل لم يكن هناك وقت؟ ألم لم يكن هناك بال رايق؟

هل الفيس بوك عرض لمشكلة أكبر؟ أم هو مشكلة فى حد ذاته؟ 
فى الحالتين وصلت أننى لابد أن امتنع عنه أما لحل المشكلة أو لإزالة العرض لاكتشاف المشكلة الأكبر

 بالطبع أشعر أحيانًا كثيرة بوحدة قاتلة التى تصل بى لمرحلة التتنيح ولكن اعتقد أنى أسير فى الطريق الصحيح وأن هذه مرحلة وهتعدى
إن شاء الله

والآن دعونا نتحدث عن الفيس بوك...هل حقًا يسبب اكتئاب؟

فلنتأمل إذن حالة الناس قبل الفيس بوك وحالتهم بعده:

 قبل الفيس بوك كان لديك مجموعة من الناس -فى الغالب من تعيش معهم-عادة ما تكون ملم بكل تفاصيل حياتهم وأحداثها
ثم كانت هناك مجموعة آخرى من الأصدقاء المقربين الذى تلتقى بهم او تهاتفهم كل يومين ثلاثة وهولاء غالبًا لو حدث لهم أى مشكلة او حادث سعيد أو غير سعيد ستعرف فى نفس اللحظة سواء منهم أو من الأصدقاء المشتركين
وهكذا يشكل أصدقائك ومعارفك مجموعات من الدوائر بافتراض أنك المركز حتى نصل لأبعد دائرة 
وهولاء قد يكونوا زملاء الدراسة أو العمل السابقين الذين تقابل أحدهم فى الطريق فيقول لك أنه تزوج وأنجب طفلان أو أنها انتقلت لشركة كذا...هذه الدائرة البعيدة التى تلتقى بها مصادفة غالبًا خارج حدود اهتمامك ولا تكاد تتذكر أسماء أزواجهم وأولادهم 

 بعد الفيس بوك..كل هذه الدوائر تكاد تصبح دائرة واحدة...ما أن يحدث أى حادث سعيد أو تعيس ﻷى شخص من هذه الدوائر كلها حتى تعرفه فى نفس الوقت...لا أنت لا تعرفه فقط بل قد تشاهده فى شكل صور وفيدوهات....تحضر على الفيس بوك أعراسًا لم تكن يومًا لتٌعزم فيها  وتذهب ﻷماكن لم يخطر على بالك أن تراها ...كل يوم وأحيانًا كل ساعة وكل دقيقة هناك من يشاركك حدثُا فى حياته أو مشكلة أو حكاية طريفة أو نكتة

فما المشكلة فى ذلك؟
المشكلة اﻷولى: أن  هذه التفاصيل المختلفة أكبر من قدرة المخ على التحمل والاستيعاب خاصة إذا كان مشغولًًا بأشياء آخرى
لتقريب الموضوع: زمان من حوالى 20 سنة كان هناك مسلسل يتيم يأتى الساعة 8 مساءًا على القناة الأولى 
وكان التليفزيون يقفل الساعة 12 أو 1 بالكثير
الآن مع الفضائيات: القنوات تشتغل طوال الوقت..ودائمًا هناك مسلسل جديد او فيلم مسلى أو برنامج توك شو أو  برنامج دينى
إذا تركت نفسك للتليفزيون لن تقوم من أمامه وستظل تقلب للأبد بين المحطات
وشخصيًا أعرف من تتابع 6 و 7 مسلسلات وتلم بكل أحداثها وتفاصيلها 
بصرف النظر عن الوقت المهدر
هناك مشكلة أكبر وهى طاقة المخ على استيعاب كل هذه الأحداث والأفكار

وعندما تزيد هذه الطاقة عن الحد المتاح لا يصبح هناك بال رايق
ويضطر المخ إلى إعادة ترتيب أولياته فتبدأ فى تطنيش أشياء مهمة بالنسبة لك ﻷن المخ لا يقدر أن يركز فيها
 اوكلما زاد ذكائك كما اخترعت لنفسك الأعذار لتبرر لنفسك انشغالك بالفيس بوك أو التليفزيون أو أى ما كان وترك الأمور الآخرى

مثلًا كان لى حديث مع صديقة تتابع فى رمضان 8 برامج دينية وهى ترى أنها لا تضيع وقتها فى المسلسلات مثل باقى الناس وهى تستفيد من هذه البرامج و و و
أين المشكلة؟
المشكلة هو أين الوقت اللازم لما يسمونه بالانجليزى
reflection 
وقت أن تتأمل ما تعلمته فى هذا الدرس وترى أثره فى حياتك وتتطبقه
ما الذى ينفع الإسلام لو قضينا كل وقتنا نتابع البرامج الدينية ونقرأ الكتب الدينية ولا نطبق أى منها؟
إن بعض الصحابة كانوا يتعلمون الآية ولا يتعلمون غيرها إلا بعد تطبيقها 

المشكلة هى لخبطة الأولويات ﻷننا نستسهل هذا الطريق ونستصعب غيره
فنعطى لأنفسنا أعذارًا لانخرطنا فى الطريق السهل وتركنا للطريق الأصعب


أما المشكلة الثانية:  فهى قريبة من مشكلة متابعة التليفزيون بكثافة...تجلس على الكنبة والناس أمامك يتحدثون ويتزوجون ويحبون ويتطلقون ويبكون ويلعبون وأنت على الكنبة ...لا تتحرك من مكانك
هذه من أسرع الطرق المعروفة عمليًا للاكتئاب
وإذا كنا نعلم أن من يظهرون فى التليفزيون يمثلون 
فعلى الفيس بوك هم أشخاص من لحم ودم ..نعرفهم سواء معرفة وثيقة أو واهية
وطوال الوقت هناك جديد عند شخص ما منهم وأنت مكانك على كرسى الكمبيوتر

بالطبع هناك أيضًا جديد يحدث فى حياتك ولكنه ليس بالمعدل السريع الذى تتحرك به الأحداث على الفيس بوك (خاصة إذا كان لديك عدد كبير من الأصدقاء) وهذا يدفع المخ بشكل خفى للاكتئاب...ليس ممن باب أنك تحسد أصدقائك وزملائك على الفيس بوك فبالتأكيد   أنت تفرح لفرحهم ...ولكن معدل الأحداث السريع يجعلك تحزن وتكتئب
ﻷن عقل الباطن يتوهم أن كل الناس سعيدة وحياتها فى تغير مستمر وأنت محلك سر

أما المشكلة الثالثة: فقد ظهرت مع استخدام شبكات التواصل الاجتماعى فى السياسة وخاصة مع بدء الربيع العربى
وهنا تمت إضافة بعد آخر للتفاصيل وهو التفاصيل السياسية 
آلاف التصريحات من مئات الشخصيات السياسية ومن أصحابك..مناقشات ليل نهار لا تنتهى
ويا ليت الأمر يتوقف عدن التصريحات والآراء..بل هناك التعليقات على التصريحات ..يكفى ذكر كلمة ملابس قطنية فى خطاب رئيس الوزراء حتى تنفجر ماسورة من النكت والكاريكتير والبوستات معلقة عليها

والحق إنى كنت سعيدة فى البداية باهتمام الناس -وخاصة الشباب- بالحالة السياسية فى مصر بعد طوال إهمال لدرجة أنك كنت تسأل الشاب الجامعى عن اسم رئيس الوزراء فلا يعرف...الناس الآن ما شاء الله قاعدة ومركزة للسقطة واللقطة
وكأننا انقلبنا فجأة 180 درجة

ولكن لا يمكن أن يتحول الشعب كله للمحللين سياسيين ومشتغلين بالسياسة..هناك وقت يحتاج فيه الوطن لكل أفراده كحالة حرب أو ثورة ...وبعدها لابد أن يرجع كل فرد إلى عمله ويشتغل أهل السياسة بالسياسة 

يعنى أنا عاوزة الناس تسيب السياسة تانى؟

هو يعنى مفيش وسط خالص...الأمر فقط يحتاج لتوازن...يجب المتابعة بالطبع  ولكن ليس تفاصيل التفاصيل كما يحدث على الفيس بوك وتويتر بالتحديد

إجمالًا: نعم الفيس بوك قد يسبب الاكتئاب بسبب تحميل المخ بشلالات مستمرة من الأحداث الشخصية والاجتماعية والسياسية
.وخاصة مع فشل الإنسان فى إحداث توازن بين حياته وبين هذه الشلالات

ملحوظة:  ستجدون على النت دراسات تقول أن الفيس بوك لا يسبب الاكئتاب ودراسات 
 تقول أنه قد يبعد الاكتئاب عن المسنين والأشخاص الذين يشعرون بالوحدة
ودارسات آخرى تقول أنه يسبب الاكتئاب...من الآخر أنت طبيب نفسك ...حاول أن تحلل مشكلتلك إذا كانت هناك مشكلة
ثم تفكر فى الحل: هل هو تقليل عدد الأصدقاء والفان بيج التى تشترك بها؟
هل هو البعد نهائيًا أو مؤقتًا عن الفيس بوك؟
هل هو فقط الحد من استخدامه؟

فى كل الأحوال يجب أن تضع قاعدة ألا يتملكك أى أمر فى الدنيا..الريموت كنترول يجب أن يكون معك
فإذا وجدت أنك فقدت الريموت فلابد أن تكون هناك وقفة مع النفس كالتى أحاول أن أفعلها الآن

أعاننا الله وإياكم...فاضل 20 يوم 

دينا سعيد
10-10-2012







1 comment:

  1. مقالاتك رائعة جدا دينا .. كتير واقعية ومعبرة

    ReplyDelete