Search This Blog

Sunday, October 28, 2012

مواقع الشبكات الاجتماعية والشعور بالوحدة


ليس عندى إحصائيات دقيقة عمن يفرطون فى استخدام  الفيس بوك وتويتر وغيرها من المواقع الاجتماعية
ولكن أتصور من خبرتى فى هذا المجال أن الغالبية العظمى منهم ستكون من
العزاب والمطلقين والأرامل والمتزوجين المنفصلين عن أزواجهم جسديًا بسبب العمل أو الدراسة أو المنفصلين عن أزواجهم نفسيًا بسبب عدم وجود تفاهم بينهما
وأتصور أنه إذا كان شخص من هذه المجموعة يعيش بمفرده فإن نسبة إدمانه للمواقع الاجتماعية قد تقترب من ال90 فى المائة

لماذا؟

ﻷن ببساطة الإنسان كائن اجتماعى..يحتاج لمن يشاركه حياته

وقد وفرت هذه المواقع للناس أن يشاركوا بعضًا من حياتهم الخاصة مع غيرهم  ويشعرون بنوع من الرضا عندما يتفاعل الآخرون معهم ومع أخبارهم حتى ولو بلايك

كمثال بسيط:
تخيل أنك تشاهد فيلم مع أختك...وأثناء الفيلم تتحدثان...الممثل ده دمه تقيل...هى عاملة فى نفسها كده...بس تفتكر الحاجات دى ممكن تحصل بجد..وتأتى ألشة فى الفيلم فتضحكان سويًا ..وقد تبكى هى على موقف مؤثر وأنت تقعد تتريق عليها

تخيل أنك تشاهد -ربما نفس الفيلم- بمفردك...ما إحساسك؟
شىء ما فى تركبية الإنسان يجعله يريد أن يسمع صوت ضحكات أحد ما ضحكاته وأن يتكلم مع شىء آخر فى انطباعته ليس عن الفيلم فقط بل عن كل ما يحدث حولنا

وإذا لم يتوافر هذا الشخص..فما الحل؟
ستجد بوستات على الفيس بوك وتويتر من نوعية
يا جماعة الفيلم ده جامد جدى...أحمد حلمى وهمى فيه
ومناقشات بين الأصدقاء المختلفين -اللى ممكن كل واحد فيهم يكون فى بلد- عن الفيلم
وقد تجد أن البعض يتعاطف مع الفيلم لدرجة أنه يغير صورة البروفايل ﻷفيش الفيلم

لو تتبعت هولاء الناس الذين يتحدثون فستجد أن هناك واحد منهم على الأقل شاهد الفيلم بمفرده
هذا أكثر شخص سعيد بهذا الحوار ويحاول أن يدفع الآخرين أن يتكلموا أكثر 
وكأنه يعوض إحساسه بالألم أنه كان بمفرده

قس على ذلك شىء مثل الطبيخ
لا أتذكر من الذى قال أن أقصى لحظات الوحدة لا تكون عندما ينام الإنسان بمفرده بل عندما يتناول طعامه بمفرده
وهذا حقيقى خاصة إذا كنت أنت من طبخت الأكل
صعب أن تقف لتطبخ ساعة أو ساعتين ثم تأكل بمفردك فى النهاية

وقد لاحظت هذا فى نفسى ...عندما أعمل عزومة قد أظل أطبخ فيها يوم أو يومين
فعادى  لا أذكر الموضوع  على الفيس بوك
ولكن عندما أطبخ بمفردى فإنى أريد أن أعوض أنه لم يكن هناك من يشاركنى الطعام
فأكتب مثلًا:
جربت النهاردة الأفوكاتو مع الجمبرى والفلفل الأخضر وطلع تحفة
مجرد اللايكات والكومنات على هذا البوست تسعدنى وكأنى أعوض إحساسى بالوحدة ﻷنى أكلت هذا الطعام بمفردى

نفس الموضوع يحدث عندما تخرج ﻷى منتزه أو مكان جديد
لقد ركزت ووجدت أن معظم أصدقائى المتزوجين لا ينشرون صور خروجاتهم وإن نشروا فتكون صورة واحدة
ولكن غير المتزوجين من الجنسين دائمًا ما ينشرون صورهم
واعتقد أن الفئة العمرية والمهنية التى منها أصحابى لا تنشر صورها بغرض لفت انتباه المعجبين من الجنس الآخر
ولكن الأمر غالبًا يكون مشاركة اجتماعية
تعويض للإحساس بالألم الخفى أنك كنت بمفردك هناك وكأن مع كل كومنت ولايك ستشعر بأن هذا الشخص -حتى لو كان صديقًا 
بعيدًا- معك بشكل أو بآخر

لماذا من المهم أن نعرف هذا؟
ﻷنك لكى تحل أى مشكلة لابد أن تعرف أسبابها
فمثلُُا هناك أشخاص عندهم حاجة اسمها الأكل العاطفى
Emotional Eating
تجعلهم يأكلون فى حالة التوتر أو الحزن الشديد ويشعرون أن الأكل يخفف من الآمهم
هولاء الأشخاص يجدون صعوبة فى التفرقة بين حاجتهم للأكل بسبب الجوع الحقيقى أو بسبب التوتر
وغالبًا ما يتركز علاجهم على معرفة هذا الفرق
فعندها عندما يريدون أن يأكلوا يسألوا أنفسهم يا ترى أنا أريد أن أكل الآن ﻷنى جوعان فأكل
أم ﻷنى متوتر فعندها يحاولون أن يعالجوا توترهم بأى شىء آخر غير الأكل

كذلك الأمر بالنسبة لفرط استخدام الفيس بوك
من المفيد أن يسأل الإنسان نفسه
لماذا أشعر الآن بالإلحاح الشديد لأفتح الفيس بوك أو تويتر؟
لماذا أريد أن أرسل هذه الأغنية أو الخبر أو الصورة  أو اى ما كان؟
لا توجد مشكلة أن تأتى الإجابة ﻷنى أشعر بالوحدة وأريد أن أتونس بمن هناك

ولكن أكيد دخولك على الفيس بوك وتويتر الآن ليس هو العلاج الوحيد لهذه المشكلة
وليس هو الحل الأمثل لتعالج شعورك بالوحدة
هناك مئة طريق آخر تستطيع أن تفكر فيهم بعيدًا عن شاشة الكمبيوتر
لن أخبرك بهم ﻷنك يجب أن تجدهم بنفسك
 وستجدهم إن شاء الله إذا  قررت أن تبعد عن المواقع الاجتماعية لفترة
سيبحث مخك عن حلول آخرى لعلاج مشكلتك بدلًا من هذه المسكنات

قد تجد نفسك تفكر فى مشروع جديد مثلًًا 
(هذا ما حدث معى فى هذا الشهر)
قد تجد نفسك تحل مشاكلك مع زوجك أو عائلتك بدلًا من الهروب منها
قد تجد نفسك تركز أكثر فى عملك
قد تجد نفسك أكثر جدية فى الإقبال على الزواج إذا كنت عازبًا
عشرات الحلول التى ستتقافز إلى ذهنك ﻷنك لا تجد شيئًا تهرب إليه

وعندما تعود بعد فترة من الإنقطاع إن شاء الله
ستكون قد عرفت كيف تستطيع التغلب على الوحدة بدون هذه المواقع
وعندها ستدخلها وتشارك اجزاء من حياتك الخاصة عليها
ولكن ليس بإفراط كما كنت تفعل من قبل

سيكون الريموت كنترول فى يديك لتفتحها متى شئت وتغلقها كما شئت

بالمناسبة هناك اليوم واحدة كتبت على تويتر أنا مضطرة أغلق الموبايل ال 6 ساعات ﻷنى فى الطائرة..يا رب صبرنى
واعتقد أنها لم تكن تهرج...

والسؤال هو هل تريد أن تترك نفسك لتصل إلى هذه المرحلة إن لم تكون قد وصلت إليها بالفعل؟

أما بالنسبة لمن يستخدم المواقع الاجتماعية بإفراط بغرض الدعوة ونشر الوعى والعلم 
فلهذا حديث لاحق إن شاء الله

دينا سعيد 
28-12-2012

No comments:

Post a Comment