Search This Blog

Sunday, October 7, 2012

استعادة النفس: التعامل مع الإحباط والألم فى علاج إدمان الفيس بوك



فى المقالة السابقة تكلمنا عن نقطة التحول التى أبحث عنها لاستعيد نفسى وسيطرتى على إرادتى والهدف المبدئى الذى وضعته بالامتناع عن الفيس البوك لمدة شهر كمحاولة لتحقيق نجاح سريع فى شىء أشعر أنه صعب جدًا على نفسى


هل الامر سهل؟

بالطبع لا فأى عادة تعتادها تجلب عليك نوعًا من السعادة والنفع بشكل أو بآخر....عدم وجود الفيس بوك فى حياتى كأنى كنت أعيش ما شخص وفجأة سافر أو مات...مشاعر مختلطة من الوحدة والألم والتخبط ﻷنى نسيت كيف تكون حياتى من غيره...وبالطبع الامر يزداد فى حالاتى ﻷنى أعيش بمفردى فى الغربة ...وبالنسبة لشخصية نوعًا ما 
extrovert 
هذا شىء قاتل. الشخصيات  ال
extrovert 
تكتسب طاقتها من الناس التى حولها، من الكلام معهم وإليهم،

إن اليوم الذى لا أرى فيه أى صديق أو قريب يكون أسوا يوم من الممكن أن يمر عليا، وبالطبع صعب أن يتوافر فى الغربة أن تقابل كل يوم شخًصًا تعرفه...الفيس بوك كان بمثابة العوض عن كل هذا، هناك أقابل مئات الناس الذى أعرفهم معرفة شخصية أو معرفة فيس بوك..نتكلم، نتناقش، نضحك، نبكى...كل المشاعر الإنسانية التى لا استطيع أن أعيشها فى حياتى الشخصية أعيشها هناك
وزيادة عن ذلك أنشر كتابتى وأجد 
feedback
سريعًا عليها من خلال اللايك والكومنت والشير.

المقالة السابقة التى كتبتها هنا على البلوج انتظرت طويًلا بدون أن ياتى لى أى تعليق عليها ..ورغم أنى أرسلتها لبعض أصدقائى بالإيميل ولكن مشاغلهم حالت دون أن يقرأوها ألا بعد يومين أو ثلاثة ويعطونى رأيهم فيها. بالطبع هذا سبب لى نوعًا من الإحباط وظلت نفسى تردد لو كنت كتبتها على الفيس بوك لآتانى الآن ما يقرب من كذا كومنت وكذا لايك وكذا شير.

الفيس بوك والشبكات الاجتماعية عامة توفر لك الرد السريع والآنى لكل ما تكتبه ..وهنا أحد الأسباب الرئيسية ﻷدمانها...أن النفس الحزينة تريد شيئًا سريعًا لمداولة جرحها الغائر...هى تبحث باستمرار عن شىء يسكن أوجاعها  ...لذلك قد تلجأ لأشياء تسبب لها السعادة المؤقتة حتى لو كان فيها ضرر محقق  وتفضلها عن أشياء آخرى قد تسبب سعادة أكبر على المدى الطويل.

فمثلًُا قد يفضل الإنسان عند الغضب تدخين سيجارة عن لعب الرياضة...السيجارة تعطى إحساسًا مؤقتًا بالراحة والسعادة وكأنه ينفث غضبه مع دخانها، هذه سعادة مؤقتة بدون مجهود يُذكر تفضلها النفس رغم ضررها عن بذل مجهود فى لعب الرياضة أو الصلاة أو القرآن وغيرها من الأشياء التى قد تؤدى إلى تسكين كامل وصحى للألم والغضب ولكن ببعض من المجهود.

اعتقد أن هناك حاجز معين يكسره أى إنسان يبدأ فى التعود على شىء ما...هذا الحاجز الذى بعده يتحول الإنسان من شخص يمارس هذه العادة أحيانًا من وقت لآخر إلى شخص تتملكه هذه العادة وبشكل ما تنسى نفسه كيف يستطيع الاستمرار فى الحياة بدونها. هذا الحاجز أنا كسرته مع الفيس بوك وأصبح من الصعب تصور أنى أجلس على الكمبيوتر بدون أن أتصفحه على مدار الساعة...إذا كنت أريد أن ابتعد عنه فالحل الوحيد أن أن أغلق الكمبيوتر والبلاك بيرى..وللحق فقد كنت أفعل ذلك أحيانًا ولكنى لا استطيع أن أفعل ذلك طيلة الوقت خاصة وأن عملى يعتمد على الكمبيوتر ولا امتلك تليفزيون فالكمبيوتر هو كل وسيلتى للعمل وقراءة الأخبار ومشاهدة الخطاب والأفلام والمسلسلات والاتصال بمصر...بمعنى آخر أن الكمبيوتر يكون مفتوحًا أغلب اليوم وبالتالى الفيس بوك يكون مفتوحًا أغلب الوقت أيضًا.

كيف وصلت لنقطة إدارك المشكلة؟
أى مدمن لعادة يدرك داخليًا أن هناك مشكلة حتى وإن كان كلامه مع الناس ينكر هذا ويبرر لنفسه استمراره فى هذه العادة...ولكن لابد من اللجوء لنوع معين من الإدراك الحسى يجعلك ترى المشكلة أمامك.

فى حالة العادات المرتبطة بالوقت معظم كتب تنظيم الوقت التى قرأتها كانت تنصح بعمل جدول يكتب فيه الإنسان وقته على مدار الساعة فيما يقضيه وتنصح هذه الكتب بعدم التفكير فى تنظيم الوقت فى البداية..فقط يكتب الإنسان أين يمضى وقته كنوع من الإدارك المبدئى للمشكلة..

حاولت أن أفعل هذا أكثر من مرة وفشلت، لماذا؟ ﻷنى كنت أكتب الوقت الذى أمضيه على الفيس بوك، فكيف بك تحسب شيئًا تفعله طوال الوقت؟

لذا غيرت الجدول قليلًا...عملت فيه خانات للأشياء الأساسية التى أود أن أفعلها خلال اليوم 
(العمل فى الدكتوراة - التدريس - القراءة الغير اكاديمية - الكتابة - النوم - العبادات-  الرياضة والمشى- أعمال منزلية)

وأخذت أسجل فى هذا الجدول الوقت الذى أمضيه فى كل من هذا الأشياء وأحسب مجموع الوقت لكل يوم وكذلك المتوسط لكل خانة فى الشهر..ووضعت هذا الجدول على   
google docs
ﻷفتحه بسهولة من أى كمبيوتر

كان الأمر بمثابة صاعقة بالنسبة لى؟ حيث كان يصل المجموع اليومى أحيانًا ل10 ساعات ( 7 ساعات نوم و 3 ساعات متفرقة بين الأشياء الآخرى)...بمعنى أن هناك 14 ساعة ضائعة فى يومى، فإذا افترضنا  أن هناك 4 ساعات تضيع فى الحمام والاكل والتليفونات والذى منه..فأين تضيع العشرة الباقية؟

أعلم الإجابة يقينًا: فى الفيس بوك 

طبعًا تبرز أمامك عبارة فى الخلفية  
"عمره فيما أفناه"

اعتقد أنه بعد حوالى 3 أسابيع من التسجيل المستمر فى هذا الجدول (كان من الأشياء القليلة التى ألزمت نفسى بها) وصلت لحالة القرف الشديد التى جعلتنى أطلب من صديقتى أن تغير كلمة السر للفيس بوك ولا تعطينى أياها.

ولكن كما قلت فى المقالة السابقة إن الأمر لم يكن الجدول وحده بل كان عدة عوامل متداخلة كثيرة، شخصيًا لا استطيع أن أحددها....وإن  كنت اعتقد أن أحداها كان الدعاء

كيف الحياة بدون الفيس البوك؟
بعد ما مضى ما يقرب من أسبوع بدون الفيس بوك..أصبحت أرى مجموع الساعات يقترب أحيانًا من 17 أو 20 ساعة...وهذا كان له تأثير كبير على نفسى لمعالجة الإحباط والألم المرتبط بفقد الشىء الذى تعودت عليه.

ولكن الأمر ليس سهلًا خاصة مع الوحدة وانشغال معظم أصدقائى وأهلى فى هذه الفترة ..بمعنى أن حتى البديل الصحى غير متوافر....حاولت أن أشغل نفسى بالأشياء الأساسية فى الجدول على قدر المستطاع ولكن المشكلة كانت فى خانة الدكتوراة والتدريس.
فقد كان الفيس بوك بمثابة الملجأ الذى أهرب إليه منهما....أهرب من مهام لا أحبها مثل التصحيح ...أهرب من أشياء مللت منها مثل الدكتوراة...أهرب من أشياء أشعر بصعوبتها الشديدة مثل تدريس مادة لا أفهمها..اهرب أهرب أهرب
procrastination  
طوال الوقت
حتى يتبقى أقل القليل على ميعاد التسليم عندها أدرك أنه لا فائدة من الهروب ..اترك الفيس بوك
واضطر للعمل  بنصف طاقة وربع عقل 

الآن إلى أين أهرب؟ أين المفر؟

حاولت نفسى إيجاد أشياء آخرى للهروب ...طبيعى كما قلت لكم هى كالطفل الصغير الذى تريد أن تجعله يدرس فيخترع لك حكاية ثم أريد أشرب، أريد أدخل الحمام، تعبان، مريض، أريد أن أنام...يظل يهرب يهرب 
حتى تجبره أمه على الاستذكار وواحدة واحدة تصبح المذاكرة عادة، خاصة عندما يرى النجمة التى تزين كراسه فيشعر بنوع من الدافعية للاستمرار.

هذا ما فعلته ما نفسى بالظبط
الآن ستجلسين لمدة ساعة للعمل ولا شىء غير العمل وأقوم بضبط
stop watch
لن تفعلى أى شىء آخر قبل الانتهاء من الساعة 
وعندما نتهى الساعة تكون قد اندمجت فى العمل فيصبح من السهل أن تستمر لساعات آخرى

يقولون فى التنمية البشرية أن وجود الدافع قبل العمل مهم ولكن الأهم هو العمل نفسه ﻷن العمل فى حد ذاته سيعيطك دافع للاستمرار
لذا كانت هناك دراسة عن ما يفعله الأشخاص الأكثر نجاحًا فى أول ساعة من يومهم وكانت الإجابة هى العمل.
لا إيميل، لا قراءة أخبار، لا مكالمات، لا تشتت من أى نوع
إذا أنجزت بعض المهام حتى لو كانت بسيطة فى أول ساعة أو ساعتين من اليوم فتنجز المزيد خلال اليوم.
أنها نفسى الفكرة التى ذكرها د. معتز
النجاح السريع يدفعك إلى مزيدًا من النجاح ويخرجك من الإحباط

وﻷن فى حالتى يومى كان يبدأ بالفيس بوك والتشتت بين الأخبار والتعليقات هنا وهناك فقد كان محاولة لم شتات نفسى بعده لأبدأ العمل صعبة جدًا....الآن بدون فيس بوك الأمر أسهل بكثير...وكلما شعرت أنى أريد أن أهرب   من المهام الصعبة والمملة لشىء آخر لا أجد على لسانى سوى 
"يارب ساعدنى"
خاصة وقد علقت هذه أمامى




وﻷن نفسى كالطفل الصغير فقد وعدتها بمكافآت عدة كلما أنجزت شيئًا ما ...فمثلًا هناك ساعة أود شرائها وضعت صورتها عندى فى خلفية الكمبيوتر ووعدت نفسى أنى لو انتهيت من كذا وكذا سأشتريها ..المضحك أن نفسى أحيانًا كثيرة تقول لى أن الساعة ليست جميلة جدًا وأنى لا احتاج ساعة أضافية وكأنها تشوه المكافأة حتى تهرب من العمل اللازم للحصول على هذه المكافأة ..ألم أقل لكم أنها فى النهاية طفل؟

وما زال الجهاد مع الطفل مستمرًا...أعننا الله وإياكم

دينا سعيد
7-10-2012




10 comments:

  1. Gamila awy ya dina,we bet3aber 3an mo3zamna .. Rabena yeqaweeky we yeqaweena ..
    I took one more step. I replaced my smart phone with a regular phone. it makes a huge difference. Not having the chance to check ur facebook or even email all the time. It is a relief... If u dont need to check email,i would advise u with thatstep as well. Begad enek tetmashy aw tokhrogy men gheir ay connection to the internet, 7aga moree7a gedan. It was hard in the begining, but now i am so happy with it.
    Dina reda

    ReplyDelete
  2. I just saw this link through Facebook, & read both posts.

    I've read a study recently that said: Facebook might help determine a person's happiness. Their conclusion was that the more friends a Facebook user has, the higher the probability of seeing posts of people who boast about their achievements and self-satisfaction (which are usually not true). Saying that too many Facebook friends may lead to depression(!!), the survey determined that the "right" number of Facebook friends to have is 354 (weird but interesting). I totally understand how you feel since Facebook was the ultimate way for you to socialize (given that you write amazing posts, mashaAllah).

    Thoughtful, & a good time for me to consider what I want to change as well. Allah ye3eenna wa eyaki!

    Lama :)

    ReplyDelete
  3. أنا فعلاً وقت الثورة كنت قد أنزلت تطبيق الفيسبوك على هاتفي و حينها توقفت حياتي تقريباً و أهملت الكثير.. فقمت بإزالتها من الهاتف و لم أغير التليفون لأن ذلك كان أسهل بكثير.

    أسبوع كامل من الصمود.. إستمري!

    هاني

    ReplyDelete
  4. Hold on ya Dina u inspire many others

    Enas Ali

    ReplyDelete
  5. رائع يا دينا
    استمري
    المقالة المرة دي أحلي من المرة اللي فاتت بكتيييييييير
    الله يوفقك
    أنا كمان مفتتحتش الفيسبوك بقالي يومين :)
    إنجي

    ReplyDelete
    Replies
    1. ايه ده امال مين اللي هيحرر العدد اللي جاي من المجلة ؟؟!!
      اما انتي ودينا خلاص اعتزلتوا :D:D

      Delete
    2. مش عارفة ليه يا إنجى
      حاسة أن ده عبد الصمد
      أنتى إيه رأيك؟

      Delete
  6. انا كنت متابعك جدا ع الفيس
    صحيح اتحرمنا من عمالك ع الفيس .. بس هنا اجمل
    لكن انا مبسوط انك هتعملي كده .. وشجعتني اعمل زيك
    راااااااااائع

    ReplyDelete
  7. احنا متابعينك سواء هنا او الفيس بوك ...بس متحريمناش من مقالاتك
    لبني عاشور

    ReplyDelete
    Replies
    1. ربنا يخليكى يا لبنى
      أنا اسفة إنى بعيدة شوية عندكم
      لكن ربنا يكرم إن شاء الله
      وأرجع أحسن من الأول

      Delete