Search This Blog

Friday, October 5, 2012

استعادة النفس: نقطة التحول


كتب د. معتز عبد الفتاح فى مقاله بالأمس أن:

"إن النجاح المبدئى يكون مقدمة للثقة بالنفس المفضية إلى النجاح النهائى. والخروج من حالة الإحباط هو أصعب مرحلة فى علاج النفس الإنسانية بل وفى علاج المجتمعات البشرية."

  اعتقد أن هذه المقولة هى مقدمة جيدة لما انا بصدد الحديث عنه
وهو محاولتى لاستعادة نفسى

. نعم فقد شعرت منذ فترة ليست بالقصيرة أنى فقدت نفسى أو بمعنى أصح فقدت السيطرة عليها والتحكم فيها
أنها تلك المرحلة التى تجمع بين الإحباط والاكتئاب والأهم شعورك أن نفسك هى التى تمتلك وتحركك وليس إرادتك...تشعر أن عضلة الإرادة عندك قد ضمرت لحد أنك لا تستطيع أن تجبر نفسك على العمل لمدة ساعتين متواصلتين . ربما كان العيب فى العمل نفسه. لماذا لا أغير مهنتى واشتغل بشىء آخر استطيع أن أنجح فيه؟...هذه هى الفكرة التى كنت أحاول أن أزرعها فى رأسى طوال الوقت لاتعايش مع واقع أنى لا استطيع العمل....المشكلة ليست في، المشكلة فى العمل

ولكن ضمور عضلة الإرادة لم يكن فى العمل وحده بل كان فى معظم الأشياء الآخرى...الامتناع عن أكل شىء معين تشتهيه النفس ...قضاء الساعات الطويلة أمام الفيس بوك أو فى مشاهدة 10 حلقات متصلة من مسلسل ما...عدم القيام بأعباء المنزل المختلفة من غسيل وطبيخ وتنظيف رغم أن كل هذه الأشياء لن تأخذ وقتُا طويلًا ولكن الإدراة لم تكن موجودة...

بالطبع لم تكن كل الأيام هكذا فهناك أيام أضطر فيها للعمل قبل مقابلة المشرف مثلًا وهناك يوم المارد الجبار الذى  يقوم لينظف المنزل ويغسل الملابس ويطبخ ..أيام متفرقة فى الشهر تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة 
..ولكن معظم الأيام تضيع هباء.
أعلم أنه من الصعب تصور هذا لشخصية تبدو أنها ناجحة مثلى ولكن كان هذا إحساسى بنفسى...ولا يظن احدكم أنى مبالغة أو ان عندى نزعة مثالية...الحق أن ربنا هو الذى كان يسترها واليوم الذى أعمل فيه أنجز فيه ما قد ينجزه غيرى فى شهر والحمد لله وهذا ما كان يؤلمنى ..أنى أشعر أننى استطيع أن أكون أفضل بكثير لو كانت عندى إرادة للمداومة وبذل الجهد المتصل وليس المنقطع.

هل كانت إرادتى ضائعة تمامًا؟ بالطبع لا فكل ما هو حرام صريح  كانت إرادتى تقف له بالمرصاد، وكأن غضب الله  عز وجل كان آخر حاجز بينى وبين نفسى ..بالطبع كان ضميرى يؤرقنى لأن إهمالى لعملى وحياتى وصحتى أيضًا من باب المحرمات ..ولكنى كنت أقول لنفسى أن الله رحيم وهو يعلم أن الامر ليس بيدى وإنى أحاول ولا أقدر

 ...كنت أعلم يقينًا أن هناك طريق أريد أن أسلكه لأصل  لصورة داخلية ل"دينا" أريدها
صورة لامراة تملك إرادتها لتوجهها نحو ما يرضى الله عز وجل بالأولوليات الصحيحة 
أريد أن أقول لنفسى الآن ستذكرين فتأتمر...الآن لديك ساعة راحة فتطيع...الآن ستنامين فتنام..

 ولكن الحقيقة أن كلما أفعله هو أنى أسير فى طريق آخر مكونة صورة آخرى لنفسى...صورة امرأة عاجزة مشلولة الإرادة..تتغلب عليها شهواتها ..نعم فالطعام شهوة والكتابة شهوة والكلام شهوة والنوم شهوة والراحة شهوة وحتى العمل شهوة...الإنسان المتحكم فى إرادته ونفسه يعرف متى يضغط زر التحكم ليضع شهوته فى موضعها المناسب فى الوقت المناسب.


إذن أين هى نقطة التحول من هذا الطريق لذاك الطريق؟ أين هو هذا المنعطف الذى  يأخذك من عالم لا تريده إلى عالم آخر تعرف أن سعادتك فيه؟  لقد قرات عن نقطة التحول هذه فى سير الكثير من العظماء والتى قد تأتى بقراءة مقولة  أو محادثة مع رجل حكيم أو حتى كارثة ...والواقع أن طيلة الفترة السابقة كنت أبحث عن هذه النقطة...أبحث عنها بالقراءة، بالكتابة، بالكلام مع الناس ، بالتفكر...ولكنى لم أعثر عليها قط...لم أشعر أن هناك شىء ما حدث جعلنى أتغير 180 درجة...

أعلم بالطبع أن التغير لابد أن يكون تدريجى ولكن أعنى بالتغير 180 درجة هو ترك الطريق الأول والسير فى الطريق الثانى...ليس المهم أن أصل لنهاية الطريق الثانى ولكنى لابد أن أشعر أنى على الأقل أسير فيه
 لابد أن أموت وأنا هناك فيه وليس وأنا هنا

إذن فلماذا لا أبدأ أى بداية؟ أتخير شىء صعب على نفسى تركه أو عمله وأتحكم فيه تأديبًا للنفس ...حاولت مع أشياء شتى (الرياضة، الريجيم، قيام الليل، قراءة القرآن، الأذكار، إجبار النفس على العمل يوميًا لعدد معين من الساعات)  ولكن كان هناك 
شىء واحد يمنعنى من الاستمرار فى كل هذا...وهو الشىء الوحيد الذى لم أجرب بجدية الامتناع عنه.

ألا وهو الفيس بوك

لن ادخل فى مناقشات فلسفية لاثبت لكم أنى مدمنة فيس بوك بالمعنى الحرفى للإدمان كما تعرفه الكتب...

الإدمان أو الاعتماد (بالإنجليزية"
: Addiction)
 عبارة عن اضطراب سلوكي يظهر تكرار لفعل من قبل الفرد لكي ينهمك بنشاط معين بغض النظر عن العواقب الضارة بصحة الفرد أو حالته العقلية أو حياته الاجتماعية.

والحقيقة لا أعلم إذا كان إدمان الفيس بوك هو نتيجة لفقدانى التحكم فى نفسى فى أشياء آخرى أو هو سبب لذلك....بصرف النظر عن التحليلات التى غرقت فيها كثيرًا فقد وصلت لمرحلة الإدمان الفعلى...والتى لا يفلح فيها أن تقول سأحد استخدام الفيس بوك لعدد معين من الساعات أو الأيام...لا حاولت هذا من قبل ولم أفلح...وذلك لأن أى دارس للإدمان يعلم أنه لابد من الامتناع نهائيًا عن الشىء...لأن مجرد تجربتك لشىء بسيط سيعجلك تفقد التحكم فى نفسك مرة آخرى..لابد أن تمتنع لفترة كافية من الزمن حتى تنسى العادة تمامًا.

إذن فلماذا لا امتنع عن الفيس بوك نهائيًا؟
كيف إذن سأتصل باصحابى ؟ وكيف سأنشر كتابتى؟ وكيف ساتناقش مع الناس فى القضايا المختلفة؟ وكيف ساعرف تفاصيل التفاصيل مما يحدث فى مصر؟ وكل الناس الرائعين الذين عرفتهم على الفيس بوك وكل الناس الذين أصبحت حلقة الاتصال الوحيدة بينى وبينهم هى الفيس بوك نتيجة لبعد المكان..ماذا سأفعل فى كل هذا؟

الفكرة فى إدمانك لأى شىء أنه يكون هناك دائمًا جانب إيجابى فيه...والنفس كالطفل الصغير الذى كلما منعتها عن شىء تلح عليك بكل الطرق لتناله وتحاول أن تزين لك مزاياه وتحاول أن تقنعك بان عيوبه ليس بهذه البشاعة (تكلم مع أى مدخن عن التوقف عن السجائر وستدرك ما اعنيه)

هنا لابد من وقفة صارمة مع الطفل المدلل (النفس).."لا يعنى لا"..وستبدأ أعراض أنسحاب الإدمان من الجسم...ستشعر بالكآبة الشديدة لأن الشىء الذى تدمنه يسبب لك سعادة وراحة  وأنت الآن منعته...ثم كيف تجرؤ على منع الطفل من شىء؟ سيصرخ ويملآ الدنيا عويلًا...ولكن مع كل صرخة سيصبح أقوى...بالظبط كما تحمل الأثقال ..العضلات تأن وتتمزع لأنها فى الواقع تتكسر لتكون عضلات أقوى...هنا مربط الفرس

الفيس بوك ليس حرامًا مطلقًا لامتنع عنه ولكنى احتاج أن أتوقف عنه لأقوى عضلة إرادتى..لأنى لو نجحت فى هذا التحدى ستكون عضلة الإرادة من القوة بحيث تقدر على  تحدى آخر...كما قال د. معتز فى المقولة التى بدأت بها المقال 

إن النجاح المبدئى يكون مقدمة للثقة بالنفس المفضية إلى النجاح النهائى. والخروج من حالة الإحباط هو أصعب مرحلة فى علاج النفس الإنسانية بل وفى علاج المجتمعات البشرية."

إذن فلابد ان أضع هدفُا لهذا النجاح المبدئى؟
الهدف الذى سيجعلنى أصل لنقطة التحول من الطريق الاول للطريق الثانى...هذا الهدف هو علاج إدمان الفيس بوك...وكمرحلة أولية المستهدف شهر من الإنقطاع التام عن الفيس بوك

لماذا شهر؟
 لأن علماء النفس يحددون أنه لاكتساب عادة جديدة أو الامتناع عن عادة قديمة يلزمك 3-4 أسابيع
من تكرار أو عدم تكرار الأمر

 وقد بدأت بالفعل الشهر منذ يوم الاثنين الماضى 1 اكتوبر 2012 ولكنى لم أخبر أحد قبلها ولم أترك أى رسائل لتوديع الناس أو حتى أكتب عن نيتى..بصراحة الفكرة كانت فقط الامتناع لمدة يومين  ثم وجدت نفسى اتساءل لماذا أعود قبل أن أقضى على الأمر نهائيًا؟

لا أعلم ما الذى جعلنى اتخذ القرار..ربما أكون قد وصلت لنقطة من القرف والإحباط التى تشعر بعدها أنك لابد أن تفعل شيئًا ما حيال حياتك...ربما كانت دعوة منى او أحد الأشخاص واستجاب لها الله عز وجل...ربما كانت كلام قراته ودأبت صديقتى (رضوى شبانة) تقوله لى عن أهمية الاستماع لصوت النفس الداخلى...وأهمية أن يتخلص الإنسان من الضوضاء حوله ...ربما كان كتاب قرأته أو مقولة   
ما او أغنية ..لا أعلم تحديدًا ما السبب ولكن ربما كانت كل هذه العوامل معًا  التى جعلتنى أشعر أن الوقت قد حان لعمل شىء كبير 
وصعب على النفس خاصة وإن كان يؤثر بشكل مباشر على كل شىء آخر أريد أن أفعله بحياتى 

إذن فكيف امتنعت؟
 لابد من مؤثر خارجى قوى...الأشخاص الذى يعالجون من الإدمان يذهبون لمصحة نفسية ليبتعدون عن أى شىء يرجعهم للمخدر...بالطبع هذا صعب ...الابتعاد عن كل أنواع الكمبيوتر والسمارت فون خاصة وأنى أقضى معظم يومى على الكمبيوتر سواء للعمل أو لأشياء آخرى....بصراحة أعطيت الباسورد لصديقة أثق فيها جدًا وطلبت منها تغييرها وألا تخبرنى عن الباسورد الجديدة
بإمكانى بالطبع أن أدخل وأضغط "نسيت الباسورد" ليرسل لى إيميل لاستعادتها  ولكنى إلى الآن لم أفعل ذلك والحمد لله.

التجربة إلى الآن:
 الأيام الخمس السابقة كانت رائعة والحمد لله ..أنجزت الكثير من المهام المؤجلة فى عملى وحياتى
اكتشفت روعة أن أنام بدون أن أمسك البلاك بيرى لاتصفح الفيس بوك وأن استيقظ بدون أن يكون أول شىء أفعله...اكتشفت أنى 
امتلك الوقت للانتهاء من معظم ما فى القائمة اليومية من مهام..والأهم من الوقت هو الطاقة  لأن الفيس بوك كان بمثابة
Energy draining 
اى مستهلك للطاقة النفسية خاصة...المخ يتشتت بين آلاف التفاصيل وتفاصيل التفاصيل سواء السياسية أو الشخصية وتجد نفسك بعدها غير قادر على التركيز حتى لو قفلت الفيس بوك يصبح مخك محملًا بأكثر من طاقته...فى آلاف التفرعيات والأفكار والنكت والمقالات والبوستات والأسماء
بالطبع الفيس بوك يعطى شيئًا من الطاقة الايجابية والسعادة كما أسلفت ولكن المحصلة النهائية هى الكثير من الطاقة السلبية والتشتت الذى يجعلك غير قادر على أى القيام باى شىء آخر.
قطعًا لو كان التصفح لمدة ساعة او ساعتين فلن يصيبك معظم هذه الآثار السلبية ولكن بالنسبة لى كان الامر قد وصل ليشغل معظم يومى . 
لذلك كان التوقف عنه حفظًا لهذه الطاقة وتوجيهها لأشياء أكثر اولولية

هل ساستطيع أن أكمل الشهر؟
الله المستعان..دعواتكم

لماذا كتبت هذا البلوج؟
لأن صديقتى (رضوى شبانة) قالت لى أن معظم الناس يكتبون بعد النجاح فى الوصول لهدف معين  ويكون الكتاب شىء مثل "قبل وبعد"  ولكن قليل من يكتب أثناء التجربة ذاتها ويشاركها مع الناس بكل نجاحاته وانفعالاته وإحباطته
واكيد هناك من القراء من يريد الوصول لهدف ما (قد يكون نفس الهدف الذى أريد الوصول إليه أو غيره) وستفيده أكثر القراءة عن التجربة وهى فى مراحلها المختلفة. كما قالت رضوى أنى سأجد تشجيعُا كبيرًا من الناس سيجعلنى أقوى فى الوصول للهدف
كما حدث فى التجربة التى ذكرها "ستيفن كوبى" فى العادات السبع عن بيتى فورد التى أرسلت خطابًا للصحف تعلن إدمانها وترجو الناس أن يساعدوها فى ذلك 

كلام فى سركم:
ما قالته رضوى كان عن هدف آخر أريد تحقيقه غير موضوع الفيس بوك ولكنى اخترت أن أبدأ التجربة بالفيس بوك
لأنى شعرت أن نجاحى فيه سيجعلنى أقوى لكى أحقق الهدف الآخر  الذى يحتاج الكثير من الوقت والصبر والعزيمة...ثم جاءت مقالة د. معتز لثبت أنى كنت أفكر بطريقة  وصحيحة....احتاج بالفعل لنجاح مبدئى سريع  لأصل لنقطة التحول


ختامًا أتذكر مقولة لابن عطاء السكندرى سمعتها من الداعية "مصطفى حسنى" وظلت عالقة فى ذهنى لفترة طويلة
"كيف تُخرق لك العوائد وأنت لم تخرق فى نفسك العوائد؟"
لكنك أيضًا أنت لن تستطيع أن تفعل شىء بدون عون الله عز وجل...بمعنى آخر أن :أساس الأمر
الإحساس بالعجز الشديد بدون عون الله فتستعين به ثم تأخذ خطوات لخرق العوائد فى نفسك فيفتح الله عليك 
بخرق العوائد لك

أعننا الله وإياكم

دينا سعيد
5-10-2012




1 comment:

  1. أحسنت والله ,كأنك بتتكلمى عنى او عن ناس كتير زيى انا ارادتى ضمرت جدا امام كل شىء لا رجيم نافع ولا رياضة بواظب عليها حتى القراءة ومذاكرتى بقيت بضيع وقتى فى حاجات ملهاش لازمة ومعملش المهم ربنا يعينك ويقويكى انا اخدت طاقة من كلامك لانى حسيت انى مش لوحدى اللى بعانى يارب اعنى على مجاهدة نفسى

    ReplyDelete